محاورة مع جبران خليل جبران لميسون عوني في 16-6-2012
وعلاقته بمي زيادة والرسائل المتبادلة بينهما
أعيدت كتابتها وطبعت في 22-11-2016
الموهبة نفحة ربانية تنبت مع الخفقات وتروى من ماء الحياة
جبران*
نقف لقامتك العملاقة بكل إحترام ونحيي إبداعك
بكل إجلال ولحسك الإنساني الراقي الذي يضج بالخير والحب والرقي الروحي الذي
يرتقي بالنفس الإنسانية الى ملاذ الحريةو
الأمان
عتاب
أين أنت ياسيدي لي معك عتاب لإنك لم تشهد
باقات الحب العراقي وهي تتبعثر وورود الرازقي في يد العشاق وهي تجف وأوراق القرنفل
شفيفاً حزيناً يرنو الى أهله وقد غادروا سندس الجنائن وسلوا أريج الحدائق و أنقطع عنهم فيض الرافدين
لماذا يا سيدي لم تبقى معنا لتعيننا على وصف
مآلنا كما وصفت ربوع بشرّي تضللها شجرات الأرز وتدفئ لياليها مواقد
الشتاء وقد
شاع في الأركان حكايات البطولات والأساطير
التي تخلب الأ لباب
لماذا لم يكرمنا القدر بصنوٍ لقلمك حتى
يعيننا على ما نحن فيه وليأخذ بيد عشاقنا يضع بيدهم الزهور ويعقد على صدورهم ضمات
الرياحين ويتهادى فيهم قارب الحب ليصلوا الى
شاطئ الأمان ويلوذوا بكوخ الفرحة
لقد خلد بيانك شجرة الصنوبر وخرير الشلال
ملازماً لعيون الينابيع وقد إستقرت بمقاهيها أطايب النعمة التي أسبغها الرحمن
على
لبنان وينحدر الوادي لينبثق جبلاً توشح شموخاً بشجرة الأرز كإنها الثريا تضئ ظلام
الليل وتيجان تنير جبين النهار
تذهبون سيدي كما تقول الى الكرمة لعصر العنب
ونحن نقطف النارنج نعصره شراباً
فهو( شربت) كما يقول أبناء بلدي
تقطفون الزيتون
ونقطف التمرة
تصعدون الجبال ونمرح في السهول
ننغمر في الأنهار
وتشقون امواج البحار
وكان
لي أمل أن يدبج يراعك موج دجلة ورفيف
الفرات
كأمنيتكَ ،تضع في غرفتك تمثالاً من أكد ،كما
أوضحت في رسالة لك الى مي
ولكنني حزينة ياسيدي لإنك لست هنا ولكنك كنت
هناك ودمت هنا وهناك ،خلدت عشتروت وبابل وأيزيس وتوغلت في
الحضارات ورفعة الأديان
سأطير الى بلادي على أجنحة الحب يخفق قلبي شوقاً
وألوذ في حماه أملاً
تعال يا صديقي تعال *من وحي تغريدة للمبدع زاهي وهبي
تأخرنا عن مجداف دجلة ومشحوف الكحلاء
تعال نزرع الشلب في أواسط الفرات
ونقطف التمرة من نخيل العراق
نقبل الفسائل ونتنفس أريج الرازقي
ونتدفئ من نار المسكوف
رجعت يا سيدي الى بشري ولم نرجع الى العراق
لقد أخذني يراعك سيدي واصفاً هجرتك الأولى وحنينك الى
لبنان ورجوعك إليها شغفاً بأن تتقن اللغة العربية لغة بلادك ثم ولتهاجر مرة
الى أرض الله بين بوسطن ونيو يورك وباريس
وتوالت رواياتك وكان لإثر الحرب العالمية الأولى
على لبنان قد فجر إبداعك وإنسانيتك والحب الذي يحفر بالقلب لإنك جسدته
بإمتيازهو
حب الوطن ، والحب الإنساني الخالد وقد وصفته بإنه أقوى من الشرائع التي سنها
الإنسان
لإنه شريعة الطبيعة وشريعة الله
وتجسد كل ذلك وصب في قلب مي زيادة بقصة حب
إسطورية لم تتكرر وبقيت شمعة تضئ ليالي العاشقين وتبعث السعادة في قلب
المحرومين
من غيرك وحبيبتك يستطيع أن يجسد حباً كهذا وصموداً كهذا ،لمدة عشرين عاماً
غذاؤه الرسائل وسلاحه أروع الكلمات
التي ستبقى صفحة نابضةفي دقات القلوب وبلاغة
البيان
حب الروح وسمو النفس يسقي المحروم ويروي
العطشان
لن تعرف السعادة حتى تنسكب
الحياة بكاملها في كأسه ! أليس كأسك يا مي سبعة ألاف فرسخ وفرسخ
سبعةألاف فرسخ وفرسخ وهي المسافة بين نيورك والقاهرةفرقت بين صنوي
العبقريةوالجمال وجمعت الكلمة بينهما
وطارت الرسائل بين القاهرة ونيويورك تجسد عفة
الكلمة وجمال الروح وأكسيرالحياة لتحمل إسم جبران واول
حروف ماري وأخر حروفها فهي مي
حلقت حروف الحب على جناحي اليمامة لتستقر في
عش الشوق
ويرقبها الزاجل وهو في مكمن الدهر
ورفرفت لتحكي عشق الروح ونبض الوطن وعروق النبوغ
وهفهفت وقد عطرت الخافقين
واختلجت وقد تلقفهوا العاشقين
و لتربط قلبي مي وجبران بوثاق صاغه الرحمن
وحماه رقي الإحساس وتجذر في حُقبْ السنين وتغلغل
في
شغاف
الحنين
ساعي البريد
سابق ساعي البريد الريح وهو يطوي شوارع
المعادي في العصاري جذلانا
وينظر الى العشاق هياما
وهل يعرف بإنه يحمل الدر منضودا، في شغاف
القلب معقوداً ،وقد إحتضن الإبداع آمالا
هل يعرف بإنه يحمل عقوداً من اللؤلؤ ستزين
جيد الزمان وخلوداً في صفحات الإبداع
إنه آذار قد نشر أريجه أوتاراً
وتدفق نبعه رائقاً وتعانقت اشجاره خمائلاً
هلَّ آذار خضاباً جلل الكون ألواناً
وليبعث في الروح الى الحبيب شوقاً بامل اللقى
أحلاماً
أترى لطفت الرسائل من جذوةالشوق أم أججت
شمعةالحشا؟
وهل تعرف مي إن ذوب القلب ورقة الأحلام وجذوة الروح سوف
تنطفئ في نيسان ؟(رحل جبران عن الحياة في نيسان 1931 )
و سيحمل لها آذارأعز وآخر رمقٍ من روح الشعلة
الزرقاء؟(آخر رسائل جبران في 26 آذار1931
جبران يحتفل بيوم ميلاد مي
ماألطف من قال عيدكِ يوماًوأنت عيد الزمان
مي يانوري المشع كيف أنت؟
وكيف يكون مشعاوأنت بعيدا عني
لست بعيدا عنكِ
أشعر بدفْ أنفاسك
وعطر هُدبك
وتلامس روحكِ روحي لتملأ نبضي عبيراً
أتنفسه وأشعر به
فهل يفرقنا المكان
مي
أشعر بوحشةٍ بخوف أنتظررسائلك
وأسأل النيل ، هل يكون رحيماً بي و يأخذني
إليكَ؟
وأناجي الكروان
ولم أفهم رده ؟
سأسأل طه حين أراه
ماذا غرد الكروان بقلب أمنة
هل منحها الأمل؟ أم نحر قلبها عذابَاً
عسى أن يفسر لي شوقي ويرأف بعذابي
وأتأمل
بالوعد
أراه بعيد
ساكناً بين ضلوعي ولكنه بعيداً
وهل يكون بعيداً من يسكن الضلوع وتنبض به
الخفوق
عشرون عاماً من الروائع لم يعكرها إلا
معاكسات تحول عسل الحب الى مرارة ،تصمت مي ولا ترد على الرسائل
ويكتب لها جبران
تقولين
لي بأنكٍ تخافين الحب لماذا تخافينه يا صغيرتي ؟ أتخافين نور الشمس ؟أتخافين مد البحر ؟ أتخافين طلوع الفجر ومجيء
الربيع ؟لماذا تخافين الحب؟
لا تخافي
علينا أن نستسلم اليه رغم ما فيه من الألم والحنين والوحشةورغم ما فيه من الألتباس
والحيرة؟
تذكرين
إنكِ أظهرتِ لي سراًولم تظهريه إلا بعد أن أقبل بشروطك والغريب بأني قبلتها قبل أن
أعرفها فما هي تلك الشروط
تفضلي يا
ستي مريم وقولي شروطك فأنا مستعد لتنفيذها والضمانات التي ترغبين بها وعلى المغلوب
جبران قبولها وتنفيذها
والآن وقدإنتهيناا من هذه المعركة الدموية يتقدم إليكِ الأب والأخ والرفيق
والصديق مع كل أفراد الأسرة يطلبون إليك
ِ أنثري روحك وقلبك قصائد وأن تقفي وقوف كاهنة أمام المذبح ولو مرة كل
شهرين وتتكلمي عن ذلك العالم السحري الكائن وراء عالم الفكر والعلم والبحث والمنطق
التنوير مصابيح تضئ الطريق وتبرق شموعاً تضئ
العقول
نعود مع مي الى أيام مضت
في
مربع قاهري جلس اساطين الفكروالأدب يتحدثون وقد لمعت عقولهم بأفكار زينت الدنيا
وأحالت المكان الى جمال وخيال ، وقد هبت رياح
التنوير في أرجاء المحروسة وكان أستاذ الجيل لطفي السيد* على رأس الجلسة
ولفت
نظره على المائدة المجاورة صبية تتحدث الفرنسية مع جليسها فتسائل من هذه فقيل له
إنها مي زيادة وأبوها صاحب
مجلة المحروسة التي تكتب فيها وتم التعارف بينها وبين
القامة الفكرية المتميزة أحمد لطفي السيد الذي وجهها إلى قراءة
القرآن الكريم
وأهداها نسخة منه ومجموعة من كتب الأدب
العربي فإنكبت على قراءة القرآن وهي المسيحية وأخذت تنهل
من إعجازه
،ومضت الأيام فإذا هي قبلة الأنظار ومحط الإعجاب ، وأحاطتها كوكبة لامعة من عيون
الأدباء والمفكرين
وفي حفل وقد التئم شمل الأدباء لتكريم الشاعر
خليل مطران والقت مي في الحفل كلمة جبران وضجت القاعة بالتصفيق واعلنت فيه
مي عن صالونها الأدبي ليوم الثلاثاء والذي اصبح معلما من معالم الحياة الثقافية
المصرية في عصر التنوير
مي وجبران
إرتفع الحب الإنساني فوق أحاسيس الجسد وأرتقى
الى رفعة الروح
وإمتزجت العفة مع رقة الشعور وحلاوة الإبداع
وكانت أول رسائل مي الى جبران بعد صدور كتابه
(الأجنحة المتكسرة)وبدأت المراسلات بينهما في 1911 وأستمرت حتى وفاة جبران في
1931وأتسمت المراسلات بالحذر وباللهجة الرسمية ومع الوقت تطورت اللهجة الى وصف حب
كبيروهنا آثرت مي أن تهرب من هذا الحب الذي يعذبها ولا أمل فيه فتنقطع شهوراَ عن
الرسائل ليدفعه للسؤال عن السبب واصفاً بإحدى رسائله بإنها (موسوسة)
وكانت مي بحكم كونها إمرأة شرقية كانت تمر
بصراع بين عقلها الذي يحذرها من التمادي وقلبها الذي كان سعيداً ويدفعها الى
الإستمرار
وكان يوم من أسعد أيام جبران عندما كتبت له
غابت الشمس وراء الأفق ومن خلال الأشكال والألوان حصحصت نجمة لامعة واحدة هي الزهرة .. اترى يسكنها كأرضنا بشر يحبون ويتشوقون ؟ ربما وُجد فيها من هي مثلي، لها جبران واحد، تكتب إليه الأن والشفق يملأ الفضاء وتعلم ان الظلام يخلف الشفق وان النور يتبع الظلام وأن الليل سيخلف النهار والنهار سيتبع الليل مرات كثيره قبل أن ترى الذي تحبه .. فتتسرب اليها كل وحشة الشفق ، و كل وحشة الليل، فتلقي القلم جانباً لتحتمي من الوحشة في إسم واحد : جبران !.
في هذا التفاهم يا مي أغنية عميقة هادئة نسمعها في سكينة الليل فتنتقل بنا
الى ما وراء الليل الى ما وراء النهار الى ما وراء الزمن الى ما وراء الأبدية
وفي هذه العاطفة غصات أليمةلا تزول ولكنها عزيزة لدينا ولو إستطعنا لما
أبدلناها بكل ما نعرفه ونتخيله من الملذات والأمجاد
أستعطفكِ أن تكتبي إلي وأستعطفك أن تكتبي إلي بالروح المطلقة التي تعلو فوق
سبل البشر
جلست ماري في شرفتها بيدها رسالة جبران تود لو قرئتها سراعاً او
لتنظر وهلة لتستمتع بما وهبها الله من بديع الكلمات
تنظر الى خفقة النيل حالمة، وصدح الكروان يبث
تغريده لحناً كإنه يشاركها فرحة اللقاء، وقد إنحنت الإشجارمحملة بورود
بلون الأحلام أو كقشرة البرتقال يشتعل الحب
مع لهيبه ، تقبله ، والنسيم رفيفاً يحتضنه
خص الله به المحروسة فيا لروعة الجمال
أطلت مي من شرفتها تتملى
شارع تسعة ما أجملك
عجز القبح أن يهدمك
روح المعادي ما أروعك
عبير أشجارك تفوح
وأنفاس المحبين تعبق
في كل ركن قصة
وفي كل مقهى رواية
وفيئ أشجارها يرتشف بلبل ندى أغصانها
ويصدح الكروان
في شجى الليل
يناجي بزوغ اللؤلؤ
لتشع خيوط التبر
وها هي مي في شرفتها
تمعن النظر
في
روايتها التي ليست ككل رواية
وحبر رسائلها قطرات الروح
لتدفئ أديم الورقة
ليخط البيان أبدع حروف العربية
حروف العربية التي أرجعت جبران الى لبنان
روح رفرفت وتسامت
قلب نبض وأخفى عروق تأججت
ذبلت لهينة ولم تنطفئ
ومن أجج القلب ودفئ الروح
وأضاء نور الحياة
إنه الشعلة الزرقاء
إنه جبران
تحسست ماري رسالة العشق الفياض
أحب عينيك يا ماري لإنني كثير الإهتمام بعينيك
أحب نورهما والنظرات البعيدة فيهما وأحب خيالات الأحلام المتموجة حولهما
وأرسلت مي الى جبران ولميرد سريعاً
يس من الطبيعي أن أشرئب إلى أخبارك كلما دار موزع
البريد على الصناديق يفرغ فيها جعبته! أيمكن أن أرى الطوابع البريدية من
مختلف البلدان على الرسائل, حتى طوابع الولايات المتحدة وعلى بعضها إسم نيويورك
واضح, فلا أذكر صديقي ولا أصبو إلى مشاهدة خط يده ولمس قرطاسه. ولتحمل إليك
رقعتي هذه عواطفي فتخفف كآبتك إن كنت كئيباً
ثم جائها الرد
كنت صامتاً أماالسبب فهي الحمى أستصعب الشكوى عن علةٍ تلم بي
فإذا مرضت رغبت في الإختفاء
عشرون عاماً من الروائع لم يعكرها إلا
معاكسات تحول عسل الحب الى مرارة ،
تصمت مي!
تنتضر!
ترى
ماذا سيصوغ لها جبران أخيوطاً من اللؤلؤ خطفها من أعماق البحار؟ أم عقوداً نادرة
من مكمن الماس ؟، وفتش عن سر
الحب
في قلوب البشر ليستخلص منه عصارة الوفاء والإخلاص
أم وهبه الكون سحراً ليسمو به الإحساس
واليوم ماذا هو من الإيام؟
إنه يوم الثلاثاء
يوم
صالونها الأدبي تجتمع فيه زهور الصداقة التي تزين الحياة *وتهبها طعماً
ومذاق، عيون الفكروالثقافة كل
يتمنى حبها كل يود أن تحبه ولكنها لا ترى
أحدا غير جبران
إنحدرت دمعةً رقيقة من عيون مي شوقاً الى
جبران وواستها رسالة على ورقة مع حب عفيف حيران
صاغ لها أحلى الكلام وبثها أحر الأشواق
وتذكرت قول جبران
من الغريب أن يكون أحب الناس إلينا أقدرهم على
تشويش حياتنا – جبران
-
تحسست الرسالة تريد أن ينفض المجلس لتنفرد
مع كلمات حبيبها تؤام روحها على أحر الشوق
لتسارع بالرد
فهي لا تسمع عبارات الحب تنهال عليها من
الرفقة
لتحلق بجناح الخيال بعيدا عن الصحبة
تحتضن اوراق الورد لتشم عبير الكلمة
تتماهى مع الأحلام لتتنسم الروح الصافية
يكتب لها
لقد قصصت شعرك يا ماري،قصصت
تلك الذوائب الحالكة ذات التموجات الجميلة ؟
ماذا أقول لكِ وقد سبق المقص
الملام
عليّ أن أصدق ما قاله المزين
الروماني
رحم الله أباء جميع الرومانيين
هذه خسارة فادحة
لم تكتفِ صديقتي بها بل
أعقبتها بأنني أحب الشعر الذهبي
سامحها يا رب وسامحني
وفي يوم
صحى جبران، على أجمل منظر، رسالة إحتضنها
وقبلها ،وهمس لها صباح الخير
فماذا كان في هذه الرسالة؟
سأترك جبران يوضح
ما قولك في رجل يستيقظ من غفلته فيجد الى جانب فراشه "رسالة" من
صديقة يحبها فيقول بصوت عالٍ بلجاجة العطشان
صباح الخير أهلاً أهلاً
فماذا يجد؟!
قصيدة لشوقي بك!*
لا بأس سوف أبحث فأحصل على قصيدة عامرة طويلة ممتعة (لحليم دموس )فأشرحها
شرحاً كافياً وأبعث بها إليكِ آخذاً بالثأر
لو جاءت قصيدة شوقي بك في أول نيسان لأستضرفت النكتة وقلت في سري "ما
أحسنها من صبية " ولكن القصيدة جاءت في أول أيار شهر الورود فماذا يا ترى
سأفعل سوى أن أغضب كما يغضب الرجال متوعداً مفعماً فضاء منزلي بالضجيج
أجل سوف أدرس فلسفة "العين بالعين والسن بالسن" فأبعث إليكِ بكل
ما تتكرم به قرائح أمراء الشعر العربي
أسألك- كيف أستطيع أن أصرف ما بقي من هذا النهار كما يجب أن أصرفه قبل أن
أغفر لك وأسامحك
إن قصيدة أمير شعرائكم قد ألقت حفنة من التراب في فمي وعلي أن أغسل الطعمة
بعشرين فنجان من القهوة وبعشرين سيجارة بل وعليّ أن أقرأ عشرين من قصيدة لكيتس وشالي وبليك* وقصيدة واحدة لمجنون ليلى
وبالرغم من كل شئ إفتحي كفّكِ ,, كذا ، كذا كما يفعلون
*بعض من أبيات شوقي التي أثارت جبران وشعر بالغيرة
أسأئل خاطري عما سباني
أحسن الخلق أم حسن البيان
رأيت تنافس الحسنيين
كأنهما لمية ...عاشقان
إذا نطقت صبا عقلي اليها
وإن بسمت إلي صبا جناني
* كيتس1795-1821 من أشهر شعراء
الرومانسية الإنجليزكتب فيه جبران قصيدةرائعة بعنوان "بحروف من نار"
شالي 1792-1822من معاصري كيتس
ومن أشهر الشعراء الإنجليز وأعجب به جبران إعجاباً شديداً وذكره مراراً في رسائله
الى ماري هسكل
بليك 1707-1827 أحد أقوى
المؤثرين في خلقذوق جبران وأوجه الشبه بينه وبينجبران عديدة حتى أنه أخذ عنوان كتابه
"دمعة وإبتسامة" من بليك وحذا حذوه في بعض كتاباته
ها قد بلغت حداً في رسالتي ولم
أقل كلمة واحدة مما قصدته حينما أبتدأت
إنني أدخل كهوف روحي عندما
لاأجد مكاناً آخر اسند إليه رأسي
وهنا
كان النداء
متى نلتقي؟
كيف تحول شوق الدم المتأجج سلاماً يسقي روحان ويخط في قاموس الحب فلسفة الأمان
مي تقرا
هل تعلمين بإنني أقول هناك في
مشارق الأرض صبية ليست كالصبايا قد دخلت الهيكل قبل ولادتها ووقفت في قدس
الأقداس
فعرفت
السر العلوي ثم إتخذت بلادي
بلادها وقومي قومها*
وهذه الصبية اللبنانية التي تسمع ما وراء
الأحداث سترى في الضباب الصور والأشباح
مرارة الفراق في الأعماق وتذوب مع حلاوة
اللقاء
متى نلتقي
طوينا الليل معتم الغلس وبدون ضياء
سها بلج الفجر وأرتوينا من كأس العذاب
تعتم البدر وعزلجينه
وفلق الصبح أخلف مناه
أنا الذي أبحرت في غمار العشق ولي في كل ركن
حكاية قهرني الشوق وهزمتني دقات الفؤاد
أهفو الى نداء
بعد مر الفراق
متى نلتقي؟
تهفو الى لقاء يا جبران وتدعوني أن أذكرك أمام أبي الهول
جبران
وهلا تكرمت بذكري أمام هيبة أبي الهول ؟ عندما كنت في مصر كنت أذهب مرتين في الأسبوع واصرف الساعات الطوال جالساً على الرمال الذهبية محدقاً بالأهرام وكنت في ذلك العهد صبياً في الثامنة عشرة ذا نفس ترتعش أمام المظاهر الفنية ارتعاش الأعشاب أمام العاصفة , أما أبو الهول فكان يبتسم لي ويملأ قلبي بحزن عذب وندبات مستحبة
وهلا تكرمت بذكري أمام هيبة أبي الهول ؟ عندما كنت في مصر كنت أذهب مرتين في الأسبوع واصرف الساعات الطوال جالساً على الرمال الذهبية محدقاً بالأهرام وكنت في ذلك العهد صبياً في الثامنة عشرة ذا نفس ترتعش أمام المظاهر الفنية ارتعاش الأعشاب أمام العاصفة , أما أبو الهول فكان يبتسم لي ويملأ قلبي بحزن عذب وندبات مستحبة
وترد مي
تدعوني الى لقاء أبي الهول
وأدعوك لجلسة على ضفاف النيل*
أدعوك الى أجمل منظر في بقاع الدنيا قد يخطر على
بالك ،سوف ترى كيف ينساب النيل صباً رقيقاً ولكنه يحمل الدر متوهجاً يزهو بنوره
محيياً النضيد الأحمر القاني وقدإشتعل حباًوهياماً ، يعدك بهمسات الوجد بقرب
اللقاء ويرنو نخيله رشيقاً وملهماً
هل أقدر ياروح الروح أن أصف لك رقة عليله وبهاء
شاطئه ودفئ قواربه
أراه كتبتل الناسك ورقة الزاهدويخفق قلبه بعصارة
الإيمان
وشفق الأصيل يلون الأفق إشتعالاً
لملاقاة الغروب عناقاً
والى خشوع الليل إشتياقاً
ويشق الفجرفرحاً وأمالاً
تعال يا جبران لنستمتع معاً بملحمة الخلود الأبدي
التي لاتموت*
*حاولت
أن أجد رسالة مي الى جبران وهي تدعوه لكي يزور مصرولم أوفق فكتبتها بالنيابة عنها أطلب
معذرة القارئ الكريم
*كما
وأدعو قارئي الكريم إذا وجد رسالة مي الى جبران أن يتفضل ويزودنا بها وأكون شاكرة فضله
ومبادرته
في حضورك، سأتحول عنك إلى نفسي لأفكر فيك، وفي غيابك سأتحول
عن الآخرين إليك
لأفكر فيك - مي -
جبران، ما معنى هذا الذي أكتبه؟ إني لا أعرف ماذا أعني به، ولكني أعرف أنك
محبوبي وأني أخاف الحب، كيف أجسر على الإفضاء إليك بهذا وكيف أفرط فيه؟ الحمد لله
أنني أكتبه على الورق ولا أتلفظ به؛ لأنك لو كنت الآن حاضراً بالجسد لهربت خجلاً
من هذا الكلام، ولاختفيت زمناً طويلاً فما أدعك تراني إلَّا بعد أن تنسى".
ورد جبران عليها بقوله: "الكلمة الحلوة التي جاءتني منك كانت أحب
لديَّ وأثمن عندي من كل ما يستطيع الناس جميعهم أن يفعلوا أمامي، الله يعلم ذلك
وقلبك يعلم".
تقولين
لي بأنكٍ تخافين الحب لماذا تخافينه يا صغيرتي ؟ أتخافين نور الشمس ؟أتخافين مد البحر ؟ أتخافين طلوع الفجر ومجيء
الربيع ؟لماذا تخافين الحب؟
لا تخافي
علينا أن نستسلم اليه رغم ما فيه من الألم والحنين والوحشةورغم ما فيه من الألتباس
والحيرة؟
تذكرين إنكِ
أظهرتِ لي سراًولم تظهريه إلا بعد أن أقبل بشروطك والغريب بأني قبلتها قبل أن
أعرفها فما هي تلك الشروط
تفضلي يا
ستي مريم وقولي شروطك فأنا مستعد لتنفيذها والضمانات التي ترغبين بها وعلى المغلوب
جبران قبولها وتنفيذها
والآن وقدإنتهيناا من هذه المعركة الدموية يتقدم إليكِ الأب والأخ والرفيق
والصديق مع كل أفراد الأسرة يطلبون إليكِ أنثري روحك وقلبك قصائد وأن تقفي وقوف
كاهنة أمام المذبح ولو مرة كل شهرين وتتكلمي عن ذلك العالم السحري الكائن وراء
عالم الفكر والعلم والبحث والمنطق
عشرون عاماً من الروائع لم يعكرها إلا
معاكسات تحول عسل الحب الى مرارة ،والقلب الى رماد ثم تصمت مي وتنقطع عن الرسائل
فيكتب
لها جبران
يا ماري –أنتِ
تعرفين سبب سكوتك أما أنا فأجهله وليس من العدالة أن يكون جهل المرء مصدراً لتشويش
أيامه ولياليه
إخبريني
يا صغيرتي المحبوبة عما حدث لكِ أثناء العام الغابر إخبريني إكسبي أجري
بقيت
متمسكا بحقيقتي راغباٍبإظهارها وكتبت إليكِ مرات عديدة وأحصل على رد لطيف ولكن من
غير مي ثم ناديتُ ولم أحصل على جواب (من أحيا فيها وتحيا فيّ ) بل من إمراة حذرة
متشائمة تأخذ وتعطي معي كأنني المدعى عليه ،لست ناقماً عليكِ ولكن ناقماً على
كاتمة أسراركِ ولن أحكم عليكِ لن أسمح بأن أضعك على منصة القضاء إن ما بيننا
يقصينا عن جميع المحاكم ولكن
لي رأي
بكاتمة أسرارك كلما جلسنا نتحدث تدخل علينا كمن يستعد لتدوين جلسة من مؤتمر سياسي
!
أسألكَ
هل نحن بحاجةالى كاتمة الأسرار هذه؟
فعليّ أن
أستدعي كاتم أسراري
أتريدين
أن يكون كاتم أسراري معنا ؟
لوكنتِ
تعلمين مقدار تعبي مما لا لزوم به مقدار حاجتي للبساطة
للمجرد
الذي يبكي ولا يستر دموعه
والذي
يضحك ولا يخجل من ضحكه
ها قد
قبّل النعاس عينيك
فألقي
برأسك على كتفي
فأنتِ في
وطنك
أحب
صغيرتي غير إني لا أعرف لماذا أحبها يكفي إني أحبها بروحي وقلبي أحبها أسند رأسي
الى كتفيها وأسير الى جانبها الى قمة الجبل
شعرت منذ
أعوام بأنني وجدت وجهة قلبي ولذلك تمردتُ على القديس توما عندما جاء مشككاً وسوف
أتمرد على القديس توماحتى يتركنا بخلوتنا مستسلمين الى إيماننا السماوي
وبعد
إنقضاء النهار ومشاكله سنعود نجلس أمام الموقد ونتحدث
والآن
قربي جبهتك "كذا" والله يباركك ويحرسك
و
مذاق الحلاوة كان
أعمق من إية مرارة وكيف تنفذ المرارة الى تلك
القلوب الصافية والإرواح السامية"
يكتب
جبران
لنضع خلافاتنا، وأكثرها
لفظية في صندوق من ذهب لنرمِ بها في بحر من الإبتسامات
-----------
لم يكن سكوتي في الآونة
الأخيرة سوى سكوت الحيرة والالتباس، وقد
جلست مرات بين حيرتي
والتباسي في هذا الوادي، لأحدثك وأعاتبك، ولكنني
لم أجد ما أقوله لك،
لأنني كنت أشعر أنك لم تتركي سبيلا للكلام لأنني
أحسست بأنك تريدين قطع
تلك الأسلاك الخفية التي تغزلها يد الغيب وتمدها
بين فكرة وفكرة وروح
وروح. - جبران -
وترد مي
أنت
قيدتني مذنبة في دفترك، وقمت تشكو لأني كلما حدقت في شيء
أخفيته
وراء قناع، وكلما مددت يدا أثقبتها بمسمار " نعم فعلت ذلك متعمدة
صرت
أحرف المعاني، وأمسخ الأسئلة، وأضحك عند الكلمات التي تملأ
العينين
دموعا... تعمدت ذلك خصوصا، لأوفر على نفسي عذابا هي في غنى
عنه".
- مي –
الله يسامحك لقد سلبتني
راحة قلبي ولولا تصلبي وعنادي لسلبتني إيماني ومن الغريب أن يكون أحب الناس إلينا
أقدرهم على تشويش حياتنا
أنتِ تحيين في وأنا أحيا
فيكِ أنت تعلمين ذلك وأنا أعلم ذلك
يا ترى ماذا كان يمنعنا
أن نقول ذلك في العام الغابر ؟
أهو الخجل أم الكبرياء
عرفنا هذه الحقيقة
فلماذا لم نظهرها لو فعلنا ذلك لإنقذنا نفسينا من الشك والألم والندم والمعاكسات
التي تحول عسل القلب الى مرارةوخبز القلب الى تراب
الله يسامحك ويسامحني
ترد مي
بما يشير بإنها تطلب
عفوه
وليس معنا إلا رد جبران إستنتاجاً لهذا
الطلب!
جبران
أما العفو فكلمة هائلة
فتاكة جارحة أوقفتني مخجولاً متهيباً أمام الروح النبيلة التي تتواضع الى هذا الحد
وجعلتني أحني رأسي طالباً العفو أنا وحدي المسيء يا مي أسأت في سكوتي وقنوطي ولذلك
أستعطفك أن تغفري (تغتفري) ما فرط مني وتسامحيني
وترد مي
أحبك قليلاً ، كثيراً بحنو ،
بشغف، بجنون ،لا أحبك(هذه العبارة من وحي التراث الفرنسي في التعبير عن الحب عندما
يمسك العاشق بالوردة وينزع أوراقها ويتساءل الى آخر ورقة يحبني أو لا يحبني)
كيف أجسر على الإفضاء اليك
بهذا لوكنت حاضراً لهربت بعد هذا الكلام
لنحتمي من وحشة الليل في إسم
واحد جبران
ورسالة الشاعر الذي يحتقر العبودية وما يسببه الفقر من مهانة للنفس الإنسانية
كل هذا بعث إبداعك بإجل صورة وكانت مي صنوك
وسندك وتؤام روحك فأجتمع النبوغ مع رقي الإحساس الإنساني والفكر
المتفرد
تشارك الإثنان بالقيم الروحية التي تعلي من
شأن الإنسان وعلى مدى عشرون عاماً إتحد الروحان بكيان إئتلف بأوثق رباط
وكان فوراناً قبل الإنطفاء*
الفراق
وحشية الفراق تترك في النفس جروحا وفي القلب
آلام
تمزق الروح وتتركهاغمار
إهتزت أسلاك الهاتف ثائرة
وضجت مكاتب البريد بالبرقيات مشتعلة
ماذا عن ساعي البريد
الركن الركين في هذه الرواية
الذي يحمل لها ورق الورد نابضاً بحروف جبران
هل نكث العهد ؟
وأخلف الوعد؟
وماذا معه الآن
رسالة خطت من نسيج القلب
أم برقية تخضبت بالدماء ؟
وتجللت بالسواد!
وهنا جاء النعي
ظلل ملك الموت سماء المعادي
حلقَ طائراً من نيويورك ناعياً إبن الإنسانية
المتفرد
حلق ولهاناًً ناعياً إبن الحياة والموت
لم تذرف السماء عطوراً بل غمرت المعادي
دموعاً
هطلت مدراراً ولم تكف
سكبت حنيناً لم ولن يجف
بكى الكروان لوعةً
وبهتت قطرات الندى
وذبلت تيجان الزهر
وصمت النهارفإذا شمسه ظلاماً
وفاض نهر النيل دموعاً
عسى دموعه أن تطفيء من نار الألم
لا تخبروني
بأن النيل قدجفاني ورفد الواديا ونسمة بخوره
تلفحني وعهدي به رفيفا
لا تخبروني
بأن العقل المتفرد قدصمت
الروح السامية سكنت
والصدرالغامر قد نزف
الى الذبالة
ثم
طواها التراب ولفها الوداع
هل إنقطعت حروف الحياة
ونضبت عروق القلب
وأسَّودت نصاعة الورقة
سأفتش في حقيبة البريد عسى رسوله نسي شيئاً
منها
لإشم عبيرها وأحفظ سطورها وأصونها كنزاً
وذخراً
هل حكمَ عليَّ القدر لا ألتقي بمصيبتي وأجلس معها على ضفاف النيل*
م*ن المعروف إن مي طلبت من جبران أن يزورمصر
وفي أوراقها التي تركتها مجموعة من الصوروبينها صورةجبران وقد كتبت جملة (أما هذه
فمصيبتي في حياتي)
ومي مذهولة وبيدها أخررسائل جبران التي كتبها
قبل الرحيل وهي رسماً مهدى إليها ليؤكد لها بأن شعلتهما الزرقاءلن تنطفيءوكان ذلك
في 26 آذار 1931
وآن للقلب الشفاف أن يستريح وللعقل النابغ أن
يهدأ فإنتهت حياة المبدع الذي ترك أجل التراث وأعطر الكلمات ودع جبران
الحياة لتبقى مي تصارع الأهوال والخطوب من جفاء
الى هجران الى نكران فعشعش الإكتئاب في القلب الرهيف وتمكنت
العزلة طوقا سجن الروح العفيف ،وقد إستل اليأس
سكينا ليقضي ع الإبداع الشفيف طعنها الموت بخنجر مسموم وبطعنة من القريب اللئيم
وقد اعماه الطمع
عن روح الإنسانيه الرحيم
وتم وضعها في مستشفى العصفورية في لبنان ووقف
الأصدقاء معها
فاستطاع بعض المحامين المخلصين أمثال "مصطفى
مرعي، أن يبرئها إثر محاضرة ألقتها في بيروت عام 1938 بعنوان "الأدب ورسالة
الأديب" لتكون الشاهد على رجاحة عقلها ورزانتها
وأخرجت من العصفورية وتم علاجها في مستشفى ريبز
" الأمريكي الذي تلقت فيه
عناية فائقة
ثم في منزل صديقهم الصدوق أمين الريحني وبعدها
رجعت الى القاهرة.
"
وفي غضون سنتين من إقامتها بالقاهرة تلقت نعى أحد أصدقائها المخلصين الذين صمدوا معها في محنتها وهو "فليكس فارس", وما كادت أن تبلَ من هذه الصدمة حتى تلقت نعى صديقها الثاني "أمين الريحاني" فعاودها الحزن والاكتئاب من جديد, وشعرت بالفراغ مرة أخرى,.
وفي غضون سنتين من إقامتها بالقاهرة تلقت نعى أحد أصدقائها المخلصين الذين صمدوا معها في محنتها وهو "فليكس فارس", وما كادت أن تبلَ من هذه الصدمة حتى تلقت نعى صديقها الثاني "أمين الريحاني" فعاودها الحزن والاكتئاب من جديد, وشعرت بالفراغ مرة أخرى,.
فوقف
الأصدقاء معها بمحاولة مواساتهاوها هو العميد طه حسين يساندها محاولا إخراجها
مما هي فيه
اريد أن اراك اليوم لا ،غداً ،
لا، لاتأتي
وقد لخص هذا عذاب النفس وحيرة المبدع
و
وعاشت صقيع الوحدة وبرودة هذا الفراغ الهائل الذي
تركه من كانوا السند الحقيقي لها في الدنيا, فامتنعت عن الطعام ودخلت في بؤس الإكتئاب
حتى وافها الأجل المحتوم في 19/10/ 1941م ب
وقاتل الله الطمع الذي طمر هذه الألمعية
الراقية والنفس العفيفة ،في غياهب الضياع
وكآبة النسيان بعد أن
تلألأ تاج عبقريتها مشعاً في أرجاء العالم
إمتزج مع ضياء جبران في بوتقة النبوغ والأدب
والإنسانية
وشدهما وثاق القلب ونصاعة الفكر وروح
الإنسانية بأشد وثاق وتحولت الصداقة الى حب غامر تعكر بمعاكسات قلب حلاوته الى
مرارة
حاول جبران بكل ما أوتي من جزالة البيان
وبساطة الإحساس أن يقنعها أن تتخلص من تشاؤمها وتدع روحها تنطلق
وفرح كالأطفال عند إستلامه رسالة ودية بأنها
(فجراً ليوم جديد)
من رسائل مي لجبران
جبران
من رسائل مي لجبران
جبران
إن الذين لا يتاجرون بمظهر الحب ودعواه في المراقص والاجتماعات، ينمي
الحب في أعماقهم قوة ديناميكية قد يغبطون الذين يوزعون عواطفهم في اللألاء السطحي،
لأنهم لا يقاسون ضغط العواطف التي لم تنفجر، ولكنهم يغبطون الآخرين على راحتهم دون
أن يتمنوها لنفوسهم، ويفضلون وحدتهم، ويفضلون السكوت، ويفضلون تضليل القلوب عن
ودائعها، والتلهي بما لا علاقة له بالعاطفة. ويفضلون أي غربة وأي شقاء، وهل من
شقاءٍ في غير وحدة القلب! على الاكتفاء بالقطرات الشحيحة
ما معنى هذا الذي أكتبه؟ إني لا أعرف ماذا أعني به، ولكني أعرف أنك محبوبي.
ما معنى هذا الذي أكتبه؟ إني لا أعرف ماذا أعني به، ولكني أعرف أنك محبوبي.
أقرأ بين السطورسطوراً لم تكتب إلا لي أنتِ يا مي كنزاً من كنوز الحياة
وأني أحمد الله لإنكِ من أمة أنا منها
أنتِي يا مي شعب عظيم من الجبابرة الفاتحين صغيرة في السابعة تضحك في نور
الشمس تركض وراء الفراشة وتجني الأزهار
وليس في هذه الحياة ألذ وأطيب من الجري خلف هذه الصغيرة لأحملها فوق كتفي
والرجوع الى البيت لأقص عليها الحكايات العجيبة حتى تكتحل أجفانها بالنعاس
إن الله قد بعثكِ إلينا روحاً وعقلاً ونحن بحاجة الى أنوار عقلك فلم ياترى لا تعطينا منهما في آن واحد
وأقول سيدتي
إن حياةالرجل تظل كصحراء خالية إلا من الرمال حتى يمن الله عليه بإبنة مثل
أميرتي الصغيرة
وهذالصغيرة لها آراء لا يستطيع أحدتغييرها ولكن ما أعذب إستبدادها وحكمها
المطلق
أرجوكِ يا مي لا تسخطي علي أستعطفكِ ألا تسخطي علي باركيني قليلاً فأنا
أباركك دائما
وهنا التساؤل الذي طرحه الكثيرين؟
هل أحب جبران مي بنفس قدرحبها له؟
تشير
شهادة الشهود من أصدقاء الراحلين إن جبران لم يلتق بمي أبدا، وكتب عنه ميخائيل
نعيمة، «كانت له علاقات نسائية متعددة أقامها مع أمثال جوزفين بيبودي، وحلا
الضاهر، وسلطانة ثابت، وماري هاسكل، وإميلي ميشال، وشارلوت تايلر، وماري قهوجي،
وماري خوري، وجيتريد باري، وبربارة يونج، وماريتا لوسن، وهيلانة غسطين».
من
الأدلة التي ترجح بأن جبران لم يكن مهتما بمي ،فنرى فقدان معظم رسائل مي إلى
جبران، ويرجّح حسب ما ذكر ميخائيل نعيمة، في كتابه عن حياة جبران، مؤكدًا أن تكون
رسائل مي سُرقت من قبل امرأة لبنانية أرادت أن تكون حبيبة جبران الوحيدة، وربما
تكون تلك المرأة هي هيلانة أوغسطين التي سعت هي الأخرى للزواج منه.
أمضت
مي زيادة 12 عامًا قبل أن تعترف لجبران بحبها خجلا منه، على أمل أن يطلب منها
الزواج، لكنه لم يفعل وكانت رسالتها الأولى له عندصدور كتابه (الأجنحة المتكسرة)
وأبدت في هذه الرسالة إعجابها بفكره وناقشته في مواضيع الكتاب .
ت
ولدجبران في لبنان1883 وتوفي في 1931*
وفي سن الخامسة من عمره بدأتعلم اللغة
العربية والسريانية والفرنسية
في سنة 1891 تقريباً, سجن والد جبران بتهمة اختلاس وتم مصادرة
أملاكة,وفي عام 1849 أطلق سراحه 1894و في 25 يونيو 1895، قررت كاميليا الذهاب مع
أخوها لأمريكا وتحديداً نيويورك وأخذت معها كلاً من جبران وماريانا وسلطانه وعمه
بطرس
وفي سن الخامسة عشر رجع الى لبنان ليتعلم
ويتقن العربية
ثم الى بوسطن وأقام معارض لرسومه هناك ثم
غادرها الى باريس ليدرس الرسم ثم الى نيويورك ولم يتركها الى أن توفي
إشتهر بكتابه النبي وأصدره عام1923
بعد رجوعه الى لبنان كتب أول مسودة لكتاب
النبي باللغة العربية ووضعه جانباً لإنه ادرك انها فاكهة فجة
وفي العشرين من عمره وكان في باريس استدعي
الى بوسطن لمرض أمه وهناك قرأ على مسامعها ما كتبه عن النبي وكانت امه حكيمة شبابه
كما هي في طفولته فأصغت الى ما كتبه يراع الفتى وقالت له (عظيم يا بني ولكن ضعه
جانباً لم يأن أوانه)
فوضعه جانباً
وفي الخامسة والعشرين كان في باريس وهناك
أعاد كتابة النبي بالعربيةلا وقرأه لنفسه لأن أمه لم تكن على قيد الحياة وطوى
المسودة قائلاً (عظيم ولكن لم يأن الأوان
بعد)
وبعد عشر سنوات وكان قد إستقر في أمريكا
وأعاد كتابة النبي بالإنكليزية ثم أعاده لخمس سنوات متتالية قبل أن ينشرفي عام
1924
يتألف
كتاب "النبي" من 26 قصيدة نثرية تحكي قصة رجل حكيم اسمه
"مصطفى" يرحل عن مدينة من نسج الخيال، حيث قضى فيها 12 سنة منفياً عن
بلاده، فطلب منه الأهالي أن يشركهم في علمه ومعرفته
فأخبرهم عن الحب والموت والحياة والعمل وغيرها من جوانب حياة الإنسان وكانت هذه
القصائد هي خلاصة تجربته التي أرادها جبران أن تنتقل إلى الناس عن طريق الشعر
والأدب، وقد تسببت قوة كتابه هذا في الستينيات بانتقال الشباب من الكنيسة إلى
جبران كما يقول البروفسور خوان كول، وهو ما
يسمى بالحركات الثقافية البديلة عن الكنيسة
وكان يكتب في كل
كراسة (أيها الأخ إن المشكلة التي ألمتك ألمتني)
ا.
مي زيادة
ولدت
مي وإسمها الأصلي
ماري ألياس زيادة في مدينة الناصرة سنة1886
من أب لبناني وأم فلسطينية وتوفيت في القاهرة عام 1941عن عمر يناهز 55عاماً
– أصدرت تراثاً أدبيا هائلا من الكتب والمقالات يأتي على
رأسها : كتاب المساواة ، باحثة البادية ، سوانح فتاة ، الصحائف ، غاية الحياة ،
رجوع الموجة ، بين الجزر والمد ، نعم ديوان الحب ، موت كناري
وتردّد إلى صالونها أرباب القلم وأئمة الفكر وزعماء السياسة ودُهاة الديبلوماسية، فضلاً عن سدنة الدين وصفوة المجتمع أمثال عباس العقاد وطه حسين وأحمد لطفي السيد وشيخ الشعراء إسماعيل صبري والشيخ مصطفى عبد الرازق والمفكّر شبلي شميل وأمير الشعراء أحمد شوقي وشاعر النيل حافظ إبراهيم وشاعر القطرين خليل مطران والشاعر الثائر ولي الدين يكن، والأديب مصطفى صادق الرافعي والكاتب انطوان الجميل والدكتور منصور فهمي
وتردّد إلى صالونها أرباب القلم وأئمة الفكر وزعماء السياسة ودُهاة الديبلوماسية، فضلاً عن سدنة الدين وصفوة المجتمع أمثال عباس العقاد وطه حسين وأحمد لطفي السيد وشيخ الشعراء إسماعيل صبري والشيخ مصطفى عبد الرازق والمفكّر شبلي شميل وأمير الشعراء أحمد شوقي وشاعر النيل حافظ إبراهيم وشاعر القطرين خليل مطران والشاعر الثائر ولي الدين يكن، والأديب مصطفى صادق الرافعي والكاتب انطوان الجميل والدكتور منصور فهمي
الأدباء الذي إرتبطت حياتهم بحياة مي.
ماذا قال "العقاد" عن صالون مي
لو جمعت هذه الأحاديث
التي كانت تدور في صالون "مي" لتألفت منها مكتبة عصرية تقابل مكتبة
" العقد الفريط" و " مكتبة الأغاني" في الثقافتين الأندلسية
والعباسية.
وكان يغازلها فتومئ إليه بإصبعها كالمنذرة المتوعدة، فإذا
نظر إلى عينيها لم يدر، أتستزيد أم تنهاه، لكنه يدري أن الزيادة ترتفع بالنغمة
إلى مقام النشوز".
|
|
أيراك باكية وأنت ضياؤه
|
ونعيم عيشي كله بيديك
|
وبدأت الغيرة تجد طريقها إلى نفسه، فيغار
عليها من علاقتها بجبران. وكانت مي تستلذ بغيرة العقاد عليها، فتستزيد من تلك
اللذة كلما وجدت إلى ذلك سبيلاً، مستخدمة أحياناً الدلال الناعم الجذاب
وتابعت: "لا تحسب أنني أتهمك بالغيرة من جبران، فإنه في نيويورك لم يرني، ولعله لن يراني، كما أني لم أره إلَّا في تلك الصور التي تنشرها الصحف. ولكن طبيعة الأنثى يلذ لها أن يتغاير فيها الرجال وتشعر بالازدهاء حين تراهم يتنافسون عليها! أليس كذلك؟! معذرة، فقد أردت أن أحتفي بهذه الغيرة، لا لأضايقك، ولكن لأزداد شعوراً بأن لي مكانة في نفسك، أهنئ بها نفسي، وأمتّع بها وجداني".
الشاعر ولي الدين يكن
"تبدت مع الصبح لما تبدى، فأهدت إليَّ السلام وأهدى
تعالي فجسي بقلبك كبدي، إن كان قد أبقى لي الهجر كبدا"
الشيخ مصطفى عبد الرازق
وإني أحب باريس، إن فيها شبابي وأملي، ومع
ذلك فإني أتعجل العودة إلى القاهرة، يظهر أن في القاهرة ما هو أحب إليَّ من الشباب
والأمل
أوصاف مي كما ذكرت عند معاصريها
العقاد
ذكاء ألمعي كالشهاب
ذكاء ألمعي كالشهاب
وجمال قدسي لا يُعاب!
سلامة موسى:
"هي مستديرة الوجه
وطفاء الأهداب دعجاء العينين يتألق الذكاء في بريقهما، يجلّل وجهها الجميل شعر جثل
أسحم وتلعب أبدًا على شفتيها ابتسامة الخف
هام بها أحمد لطفي السيد وأرسل لها رسائل تفيض حبًا
جبران رجل محوري في حياتها توطدت بينهما علاقة أفلاطونية دون أي
لقاء
كانت أهم أديبة عربية في الثلث الأول من القرن العشرين
صالونها الثقافي كان ظاهرة كبيرة ورواده نخبة متميزة من رجال الأدب
والفكر
لم تبادل معجبيها أو محبيها حبًا بحب وإنما بادلتهم الحب باللطف
والمودة
لم تكن تبحث عن اللهو إنما عن حبيب تتزوجه
ونعثر على صورة حسية لميّ كتبها سلامة موسى:"هي مستديرة الوجه
وطفاء الأهداب دعجاء العينين يتألق الذكاء في بريقهما، يجلّل وجهها الجميل شعر جثل
أسحم وتلعب أبدًا على شفتيها ابتسامة الخفر".
وفي رثاء عباس محمود العقاد لها يرد هذا البيت:
وذكاء ألمعي كالشهاب
وجمال قدسي لا يُعاب!
+وصف إبن خلدون لشيخوخة الدولة والعمران
*أحمد شوقي يهنأ أحمد لطفي السيد بترجمة كتاب
علم الأخلاق لإرسطو الى اللغة العربية
شيخ إبن رشد وإبن سينا وإبن برقين الحكيم
يا لطف أنت هو الصدى من ذلك الصوت الرخيم
ومن المعروف إن أحمد لطفي السيد من برقين في
مصر
المصادر
-مقالات وبحوث عن مي وجبران
-كتاب الشعلة الزرقاء لسلمى الحفار الكزبري
ود. سهيل بشروني
-رواية الحب السماوي د.ماجدة محمود
-كتاب النبي لجبران
-كتاب دمعة وإبتسامة لجبران
-كتاب المواكب لجبران
-مقالات متفرقة على الإنترنت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق