الأربعاء، 18 مارس 2015

الفصل الثالث من تاريخ الإخوان المسلمين/التحالف السعودي الإخواني /وعلاقة المملكة العربية السعودية بمصر







الفصل الثالث من تاريخ الإخوان

وبعدأن تتبعنا مسيرة الإخوان في العصر الملكي والجمهورية الأولى وقبل أن ندخل في الجمهورية الثانية لا بد لنا أن نلقي نظرة على أساس التحالف السعودي الإخواني ويعتبر من أخطر التحالفات(تفسير الجمهورية الأولى والثانية في الفصل الثاني من تاريخ الإخوان)



التحالف السعودي الإخواني

إرتبطت جماعة الإخوان المسلمين منذ إنشائها بالمملكة العربية السعودية بأوثق رباط ومرالتحالف التاريخي السعودي الإخواني بالمراحل التالية:-

العهد الملكي

1-أرادت المملكة العربية السعودية بقيادة مؤسسها الملك عبد العزيز آل سعود أن تحتضن التيارات الإسلامية ليقينها إنها تمثل الإسلام ، وكانت السعودية هي الوجهة الأولى لحسن البنا 

ويذكر البنا في مذكراته الدعوة والداعية إتصاله بالشيخ حافظ وهبة مستشار الملك 

لنقله ليعمل مدرساًفي الحجاز ولأسباب إدارية لم تنجح المحاولة ثم فشلت محاولة 

أخرى للعمل في اليمن وفي موسم الحج درس البنا الأوضاع ليبدأ دعوته من الحجاز 

ولكن النجاح الذي أحرزه بنقل جماعته من الإسماعيلية الى القاهرة أغراه بالبقاء في 

مصروكان يحرص على مواسم الحج لنشردعوته وتوثيق علاقته بالنظام السعودي 

وأرادت المملكة مساندته بعد مقتل النقراشي في الإستقرار في المملكة ولكن سيرالأحداث إنتهى بمقتل البنا
وكما يرى دارسي هذه الحقبة من العلاقات السعودية الإخوانية بإن هذه المساندة كانت في حدود التعاطف فلم يسمح لهم بفتح فرع لهم في المملكة حتى لا يزايدوا على المذهب الوهابي الذي يعتنقونه
وظل الشيخ حسن البنا وفياً ومحافظاً على هذه العلاقة كما وأشرنا الى الإستقبال 

الحافل للملك بزيارته الى مصر
وإستمرت العلاقات وخصوصاً في موسم الحج ليتلاقى الإخوان هناك ويشير محمود عبد الحليم، القيادي الإخواني البارز في كتابه ( أحداث صنعت التاريخ) الى زيارات الإخوان بموسم الحج وإلتقائهم بالشيخ أبي الحسن الندوي علامة الهند الأشهر وعرضوا عليه منصب المرشد فأعتذر الشيخ وفضل أن يختاروا مرشدهم من بينهم

 2- مرحلة ثورة يوليو


جمال عبد الناصر

وهي أخطر المراحل في تاريخ الإخوان وسريعاً تم الإصطدام مع قادة الثورة 

ووصلت الى الذروة في محاولة قتل عبد الناصر وهو ما اسفر عن إعدام وسجن قيادة 
التنظيم ، وهنا أصبحت المملكة مأوى لقيادات الجماعة التي نجت من الملاحقة ، 

فقدمت السعودية كل الدعم لهم وفتحت أبوابها لعدد كبير من رموزها ومنحت الجنسية 
السعودية لهم ومن هؤلاء الشيخ مناع القطان الذي صنعوه مليونيراً و اصبح فيما بعد 

الأب الروحي للإخوان في المملكة(راجع مدونتي الفصل الأول والثاني من تاريخ الإخوان)

ويذكر حسام تمام في كتابه (تحولات الإخوان المسلمون)

وكانت هذه المرحلة هي جزء من الصراع الذي شهدته المنطقة وقتها بين النظم 

الملكية والنظام الثوري في مصرولقد دفع هذا الصراع طوال الخمسينات والستينات 

بالنظام السعودي لتوثيق علاقاته مع مناهضي عبد الناصر وكان الإخوان بالمقدمة 

وبدأت السعودية لتوظيف الإخوان كورقة رابحة للضغط على عبد الناصر
ووصل الإتفاق الى قمته حين إعترضت المملكة على إعدام سيد قطب وجماعته وجرت محاولات سعودية لوقف الإعدام ولكنها لم تفلح *
*كانت السعودية قد توسطت لدى عبد الناصر بالعفو عنهم في أحداث المنشية وأستجاب لذلك
*كما وتوسط رئيس العراق الأسبق عبد السلام عارف للعفو عن سيد قطب وتم ذلك فعلآً ولكن سرعان ما إستعد سيد قطب ،وبدأ للتحضير لمؤامرة 1965التي إنتهت بإعدامه ،ومن المعلوم إن الرئيس عبد السلام عارف رئيس العراق الأسبق، ينتمي الى الجماعة السلفية ويحمل مبادئها
*ومن المضحك المبكي إن الرئيس عبد السلام عارف حاول إقناع جمال عبد الناصر بمذهبه السلفي ومن المؤكد إن جمال عبد الناصر قد إستغرب من طروحاته فكيف يكون ناصري (كما يدعي )وفي نفس الوقت سلفي

3- مرحلة الرئيس السادات
توثقت العلاقات المصرية

 السعودية بشكل ملفت في عهد الرئيس السادات الذي أصبح كمال أدهم هو الراعي

 لتوثيق العلاقة، وشهدت تحالفاً إستراتيجياً وخاصة في حرب   1973 وللتصدي

 للتغلغل السوفيتي في المنطقة*،(اللعبة التي أدارتها الولايات المتحدة الأمريكية لجعل


الأطراف التي إشتركت فيها يقاتلون الإتحاد السوفييتي بالنيابة عن أمريكا والتفاصيل

 كاملة لاحقاً) وتميزت هذه الحقبة بالتحالف الأشد بين السادات والسعودية ،والإخوان
  ،

التي بدئها المرشد حسن الهضيبي

الهضيبي المرشد الثاني الذي صدرحكم بإعدامه وخفف الحكم لكبر سنه

عقد الهضيبي بعد الإفراج عنه مباشرة عام 1971 إجتماع موسع للإخوان في 

مكةالمكرمة في موسم حج 1973 بغرض إعادة تشكيل مجلس شورى الجماعة

 وتكوين لجنة للنظر في عضوية الإخوان العاملين من أجل بناء هيكل الجماعة
وهنا دقت ساعة العمل بحركة واسعةفي صفوف الإخوان للسفر الى السعودية التي 

شهدت فترة عبد الناصر إستقرار قياداتهم في المملكة ولتشهد في عهد السادات تدفقهم الى السعودية وكانت لهم الأولوية في الوظائف وفرص العمل بتعاطف النظام السعودي معهم
*حتى يستخدمهم النظام السعودي كورقة ضغط رابحة عند اللزوم
وتمدد الوجودالإخواني في الجامعات السعودية (ومع تدفق أموال البترول )وكانوا بحاجة لإستكمال هياكلها التعليمية والإدارية وأمتد نشاطهم الى الإنشطة الإقتصاديةوالمؤسسات الدينية وأستقر رجال الأعمال هناك كعبد العظبم لقمة ويوسف ندا وساعد كل هذا الثروة النفطية الهائلة التي تدفقت على المملكة بعد 1973
ومن الملفت للنظر وهو أهم وأخطرعامل في التفاهم السعودي الإخواني ، هو الدعم الذي قدمته الهيئات الدينية الرسمية للجماعات الدينية في جامعات مصروأغراقها بالإموال لطبع كميات هائلة من الكتب الدينية التي تحمل الفكر السلفي الوهابي وأتخذ الإخوان والسلفيين وسيلة لنشره وإنضم من إلتحقوا بالإخوان في أواخر السبعينات 
الى فكر الإخوان الذي حمل راية المذهب الوهابي

دور المملكة في قيادة الصحوة الإسلامية كما يراها الإخوان

وأخذ الإخوان يشيدون بالنظام السعودي ويبجلونه ويصفونه بحامي الإسلام ودور المملكة في قيادة الصحوة الإسلامية وتحاشت جماعة الإخوان كل ما يكدر هذه العلاقة وساهمت بنشر المذهب الوهابي في مصر لتنال دائما رضى المملكة وتفهمت حساسية النظام السعودي فإمتنعت عن إنشاء تنظيم لها في المملكة وأكتفوا بإن يمثلهم الإخواني المتجنس بالجنسية السعودية وهومناع القطان بل وحظرت عليهم التدخل 
في الشأن السعودي أو مخالفتهم للمذهب الوهابي



ويذكر عبد المنعم أبو الفتوح مايلي

وقد تأثرنا كثيراً بالتيار السلفي في مرحلة مبكرة من تكويننا الإسلامي وأظن إن 

السلفية الوهابية أقحمت على المشروع الإسلامي في مصرإقحاماًوكانت الكتب تأتينا 

من السعودية بالمئات بل بالألاف وكانت كلها هدايا لا تكلفنا شيئاً كانت تهدى ولا تباع 
وكنا نوزعها على الطلاب دون أن نعلم ما فيها من مشكلات فكرية ومنهجية وكنا كثيرا 
ما نعيد طبعها في سلسلة صوت الحق التي كنا نصدرها،ويذكر أبو الفتوح إن

تكلفة العمرة 25 جنيها


كما مهد لإنتشار الوهابية بيننا رحلات العمرة التي كنا ننظمها من خلال إتحاد 

الطلبةخلال الصيف وكلفتني أول عمرة في عام1974 خمسة وعشرين جنيهاً،وزرت 

السعودية بصفتي ممثلا للجماعات الإسلامية وكان العلماء هناك يرحبون بنا 

ويعتبروننا إمتداداً لهم

ثمرة العمرة حاجا معتمراً وشيخا سلفياً وهابياً

وكانت رحلات العمرة تتم في أفواج كبيرة تصل الى خمسة عشر ألف طالب وكانت إحدى روافد نقل الفكر الوهابي المتشدد وبعض الطلاب كان يبقى هناك ويظل حتى موسم الحج ويعود من الرحلة حاجا معتمراً وشيخاً سلفياً وهابيا
*وسنأتي لهذا التحالف وخطواته  عند مرورنا على عهد الرئيس السادات


4- الثورة الإيرانية وتأثيرها على العلاقات السعودية الإخوانية
وهنا إرتكب الإخوان أول غلطة في علاقاتهم مع السعودية فتسرعوا بتأييد الثورة 



الإيرانية التي شكلت خطراً على المملكة وإتجاهها المذهبي بإعتناق إيران للمذهب الشيعي الإثنى عشري

ويذكر د. عبد الله النفيسي في دراسته الإخوان المسلمون في مصرما يلي:-

سارع الإخوان المسلمون الى الإتصال بقادة الثورة الإيرانية الذي عينوا كمال خرازي 


(وزير الخارجية فيما بعد)ضابطاً للإتصال بالتنظيم الدولي للإخوان وإجتمعت أمانة 

سر التنظيم في سويسرا بتاريخ 14 مايو 1979 وأصدرت عدة قرارات أهمها تشكيل 

وفد من قيادات الإخوان لزيارة إيران والتهنئة بنجاح الثورة وعزل الشاه،وإصدار 

كتيب عن الثورة يبرز إيجابياتها وبناء صلات مع حركة الطلبة في إيران من خلال

 الإتحاد العالمي لطلبة المسلمين التابع للإخوان

وهنا شعر النظام السعودي بإنها خيانةمن الإخوان تجاههم بعد أن أعلن في إيران 

نيتهم تصدير الثورة، وتأجج الخلاف المستعر بين المذهب السني السلفي صاحب 

الميراث الكبير من العداء للشيعة  وبين المذهب الشيعي الإثنا عشري


5-الحرب العراقية الإيرانية
وهنا جاءت هذه الحرب لتعيد الإتفاق الإخواني السعودي الى مساره 

الأول،فأندلعت 

الحرب العراقية الإيرانية التي إصطف العالم العربي تحت القيادة السعودية المصرية(مبارك)
 لدعم العراق
وهنا بدل الإخوان مسارهم للتصدي للخطر الشيعي وبنفس الرموز الإخوانية التي

 ساندت إيران سابقاً بقيادة القطب الإخواني السوري الشيخ سعيد حوى بلجنة جديدة 

تحت مسمى (لجنة فتح إيران)والتي كانت مهامها تحويل إيران الى المذهب 

السني(ومحاولات تغيير المذاهب هي عبارة عن ضحك على الذقون وإلهاء الناس 

بمعارك جانبية)
وللإخوان أحلام وأماني تتحول غالباً الى كوابيس

 *لو كان المسلمون قد وضعوا عقولهم في رؤسهم بدون التطرف بالتدين الشكلي 
 ومعارك المذاهب والمتجارة بها ولووضعوا مصلحة شعوبهم فوق أية مصلحة لتغير حالنا كثيرا



6- الغزو السوفيتي لإفغانستان
وهنا تداخل عامل آخر لايقل أهميةساعد على توثيق التحالف الإخواني السعودي 



لمواجهة الخطر الشيوعي ،وهنا تحالف النظامان السعودي المصري وله حكاية اخرىسأحاول توضيحه

7
-غزو صدام للكويت

ولم يكن عقد الثمانينات ينتهي حتى جاء غزو العراق للكويت في أول أغسطس 1990 كمحطة فارقة في العلاقات السعودية الإخوانية فعلى رغم إستنكارالإخوان للغزو إلا إن السعودية وبقية دول الخليج رأت إن موقف الإخوان ، لم يكن بالمستوى المطلوب وذلك لإستنكار الإخوان الإستعانة بالجيش الأمريكي لتحرير الكويت ونددت بوجود هذه القوات على الأراضي السعودية
مما أحدث ردة فعل تجاه مكتب الإرشاد من داخل التنظيمات الإخوانية الخليجية لتغليبهم الحس الوطني على الإنتماء للجماعة ،

 وزاد من التوتر إعلان بعض تنظيمات الإخوان  في دول أخرى مثل حركة النهضة 


التونسية بزعامة راشد الغنوشي ، والجبهة السودانية بزعامة حسن الترابي ، وقوفها مع العر اق وزيارة العاصمة العراقية فيما أعتبر تأييدا لصدام حسين
وكان هذا خروجا على التحالف التاريخي بين الجماعة والمملكة ويستطرد الباحث في الشأن الإسلامي حسام تمام تحليل هذا الأمر كما يلي:-
شهد التحالف (السعودي الإخواني) تراجعاً في عقد التسعينات، ويمكن رصده في إتجاهيين:-
الأول- يتمثل في إطلاق يد عدد من المنابر الإعلامية والمؤسسات الدينية شبه الرسمية الرافضة للفكر الإخواني والسماح لهم بالتهجم على الإخوان والنيل من رموزهم وأفكارهم بل والتحريض عليهم
الثانيالتعاون الأمني بين النظامين السعودي والمصري في ملف الجماعات الإسلاميةووصل الى حد التنسيق وتبادل الخبرات الأمنية ، وقد تردد بإستعانة السعودية بوزير الداخلية المصري زكي بدر المعروف بتشدده تجاه الإخوان والإستفادة من خبراته الأمنية وهنا يأتي النظر الى العلاقات المصرية السعودية بعد معاهدة كامب ديفيد والمقاطعة العربية لمصر

8-   11 سبتمبر 2001
كان لإحداث 11 سبتمبر 2001 بداية لظهور وضع عالمي جديد وضحت معالمه بتصفية وملاحقة كل الحركات الإسلامية (التي آوتها وشجعتها) الولايات المتحدة الأمريكية ولو بإحتمال تهديداً لها، ولإمنها،ولما كانت السعودية هي التي ستدفع فاتورة هذه الحرب يحلل الباحث في الشأن الإسلامي حسام تمام ما جرى كما يلي:-
أصبح ميراث التحالف مع القوى والجماعات الإسلامية ومن بينها الإخوان ،ثقيلاً فكان لا بد من تغير الموقف السعودي من هذه القوى والجماعات ولو أدى الى إعادة النظر في علاقة تاريخية واستراتيجية معها كالتي نشأت بين المملكة والجماعة وقارب عمرها ثلاثة أرباع القرن وفق منطق إذا جائك الطوفان لامانع من وضعها تحت القدمين
وهنا نفهم سبب مهاجمة الأمير نايف بن عبد العزيز وزير داخلية المملكة على 

الجماعة والذي
يعد الأول من نوعه،وهذا التصريح الذي صدرصراحة من أحد افراد الأسرة 

المالكة،يعكس تغير جذري في العلاقات بما يؤكدبأن ساعة الفراق قد دنت

وجاءت تصريحات المرشد مأمون الهضيبي الذي كان يعمل مستشاراً للأمير نايف 

رغبة الجماعة في تخفيف الصدمة وحفظ العلاقة مع السعودية كحليف تاريخي ،ولكن 

كارثة سبتمبر كانت قد جرفت الكل
وبقي التحالف بين الإخوان والمملكة العربية السعودية ليلعب الإثنان على ورقة واحدة وهو جمال عبد الناصر ، فمن لجوء الإخوان الى السعودية بعد كارثة سيد قطب كما سهلوا لهم العمل وفتحوا لهم الشركات الى تحالف السادات معهم ومع السعودية للقضاء على كل ما يمثله جمال عبد الناصرومعهم على القمة أمريكا لإن القددر منحهم فرصة ذهبية فيجب إستغلالها(وسنفصل الموضوع عندماأصبح الرئيس أنورالسادات 
رئيساً لمصر) ، 

وهنا لابد من إلقاء نظرة على محاولات السعودية نشر المذهب الوهابي في مصر منذ 


أيام الملك محمد بن سعود لنلم بالصورة كاملة

نظرة خاطفةفي تمدد العقيدة الوهابية

إلتقاء المحمدان

عند إستقرار محمد عبد الوهاب،في الدرعية إلتقى بمحمد بن سعود وسمي (إلتقاء المحمدان)وكان هذا اللقاء بتوصية وتشجيع من زوجة محمد بن سعود (هذا الرجل ساقه الله لنا وهو غنيمة فإغتنم ما خصك الله به)وهذا كان بداية المشوار السعودي الوهابي في المملكة ثم تم زرعه في مصر

يشير الكاتب صبحي منصور في كتابه جذور الأرهاب في العقيدة الوهابية السعودية

والإخوان المسلمين

كالآتي
وتتلخص هذه الرؤية فى التمسك بالأيديولوجية الوهابية والتسلل بها إلى مصر لتكون مصر عمقاً استراتيجياً للدولة السعودية، وتستطيع من خلالها السيطرة على العالم الإسلامى. وكانت النتيجة نجاح عبد العزيز آل سعود فى تحويل التدين المصرى القائم على التسامح حتى فى العصور الوسطى إلى تدين وهابى متشدد فى عصر حقوق الإنسان.

 ونأتى للسؤال التالى، وهو كيف تم هذا التحول؟

    فى الوقت الذى كان فيه عبد العزيز وآله لاجئين تحت رعاية آل الصباح فى الكويت كان الإمام محمد عبده فى مصر يعلن تطليقه للسياسة والثورة وتفرغه للإصلاح الدينى والفكرى، واعتبر التصوف خرافة كما وقف موقفاً حازماً من الفقه والأحاديث، واعتبر الأحاديث كلها أحاديث آحاد، وأعاد للأذهان ما قاله الأئمة المجتهدون فى عصر الازدهار الفكرى. وكان محمد عبده يأمل فى تأسيس مدرسة فكرية للاجتهاد الدينى تقوم بإصلاح عقائد المسلمين وتسهم فى تطورهم العقلى والعصرى، وكان هذا اقتناعه بعد تطليق السياسة ولعنها.

رشيد رضا يجهض حركة محمد عبدة

ولم يكن محمد عبده يدرى أن حركته سيقوم بإجهاضها تلميذه رشيد رضا لصالح السعوديين وأيديولوجيتهم السلفية الثورية.
مات محمد عبده سنة 1905، وفى ذلك الوقت كان عبد العزيز قد هرب من الكويت بأربعين من إخوانه وبهم استولى على الرياض سنة 1902 ثم سيطر على أواسط نجد سنة 1904. وبعد موت محمد عبده فى مصر ورثه رشيد رضا،وفي نفس الوقت كانت الأنباء تأتى إلى مصر بانتصارات الشاب ابن سعود ونجاحه فى ضم الإحساء والمنطقة الشرقية، ثم بعدها فى ضم عسير، وحاصر الشريف حسين فى الحجاز، ثم انتزع منه الحجاز سنة 1926 ليحتل ابن سعود بعدها موقعاً متميزاً جفف به دموع الملايين الذين حزنوا على إلغاء الخلافة العثمانية. ثم قام ابن سعود بإعطاء مملكته الوليدة اسم أسرته السعودية سنة 1932 بنفس المنهج السائد فى العصور الوسطى حين يطلق الحاكم على دولته اسمه أو اسم أسرته، كالدولة الأخشيدية والطولونية والفاطمية والعباسية 

الأعداء الذين يحيطون بالدولة السعودية
   
    ومع هذا النجاح لابن سعود فقد كان يدرك أن توسعه فى شبه الجزيرة العربية قد أضاف ألغاماً كثيرة تحت عباءته، فأعدى أعدائه وهم الشيعة يرتكزون فى المنطقة الشرقية، كما أن الأشراف والصوفية فى الحجاز لا ينسون ثأرهم عنده بعد ما فعله بالحجاز وأسرة الشريف حسين، وفى الخارج يقف أعداؤه الشيعة الزيدية فى اليمن بعد أن استولى على عسير، وهناك شيعة إيران والعراق والخليج وهم لا ينسون ما فعله وما سيفعله بالمشاهد الشيعية فى العراق، علاوة على أن أبناء خصمه الشريف حسين كانوا يحكمون
العراق والأردن، أى أن أعدءه يطوقونه من كل الاتجاهات، ولهم جماهير فى أهم منطقتين فى مملكته، المنطقة الشرقية بجوار نجد، والحجاز، وهم لا يغفرون له أنه محا وجودهم حين جعلهم سعوديين، أى موالى وعبيداً لأسرته . وهكذا لم يعد أمام ابن سعود إلا مصر

الملك بن سعود ومصر

وهكذا نرى كيف وجه جهوده الى مصر  فى صراع البقاء وفى أمل الاستقرار والاستمرار أيضاً. فمن مصر جاء الخطر الذى دمر الدولة السعودية الأولى* ومنها يمكن أن يأتى الخطر الذى سيقضى على الدولة السعودية الثالثة خصوصاً وأن التصوف هو التدين المصرى الأساسى والدعاية ضد الوهابيين على أشدها فى مصر، ومن الممكن أن تتطور ثقافة الكراهية ضد الوهابية إلى تحالف عسكرى أو سياسى خصوصاً مع طموح ابن سعود للسيطرة على الحجاز والذى كان دائماً تحت السيطرة المصرية.
    ومن الممكن أن يتفادى ابن سعود هذا الخطر المصرى، بل يستغل مصر إلى جانبه إذا تحول التدين السنى الصوفى المصرى المعتدل إلى تدين سنى ، سلفي ،وهابى متطرف. وليس ذلك مستحيلاً، فالمهم هو العثور على الشخصية المناسبة التى تقوم بخلق هذا التحول، وكان سهلاً العثور على هذه الشخصية، وهنا بدأ دور الشيخ رشيد رضا تلميذ الشيخ محمد عبده والذى خان مسيرته الاصلاحية وعمل عميلا لابن سعود.وكانت الأحوال مناسبة لذلك التحول.


الشيخ رشيد رضا

    جاء الشيخ رشيد رضا إلى مصر يحمل بين جوانحه الفكر السلفى مع كراهية للمسيحيين ،ولكنه كتم هذه الكراهية داخله أثناء تبعيته لشيخه الإمام محمد عبده. وبعد موت الإمام لم يكن رشيد رضا مؤهلاً للسير فى طريق شيخه فى معاداته لشيوخ الأزهر، إذا كان محمد عبده بفكره ومصريته وأزهريته وتاريخه ومكانته وشخصيته أقدر على الصدام مع شيوخ الأزهر، فهو منهم وهم منه، وهو أعلاهم قدراً وأرجحهم عقلاً وأكبرهم علماً وأكثرهم شهرة، ومع ذلك فقد عانى منهم ما عانى فى جهاده الإصلاحى، فكيف بتلميذه الوافد من الشام إذا كان فعلاً يريد السير فى طريق شيخه الإمام
    على أن رشيد رضا قد يوافق فكر الإمام محمد عبده فى الهجوم على التصوف وأوليائه إلا أنه لا يوافقه فى انتقاده لتحجر الفكر الوهابى . وعندما مات شيخه الإمام وجد فرصته فى الزعامة ميسورة إذا تحالف مع ابن سعود، خصوصاً ، إذ علا نفوذ ابن سعود فى شبه الجزيرة العربية وبدأت الأحلام تتجمع حوله خصوصاً مع استقلاليته وشبابه ومقدرته، ثم بدأ تيار الشيوخ يميل إلى التعصب بعد إلغاء الخلافة وشدة التيار العلمانى فى تركيا ثم فى مصر والشام، و أثار حفيظة الشيوخ العاديين والصوفيين والسلفيين وقرب المسافة بينهم
.
هجرة مثقفي الشام الى مصر

 خصوصاً وإن أئمة العلمانيين فى مصر من مثقفى الشوام المسيحيين* والذين هاجروا لمصر بعد المذابح الطائفية في لبنان . وكان لابد أن تشتعل المعركة بين رشيد رضا وبينهم، وفى هذا الجو أتيح لرشيد رضا أن يثمر تحالفه مع ابن سعود فى نشر الفكر الوهابى بعد أن سيطر عبد العزيز على الحجاز وجعل من مناسبة الحج منبراً لنشر الدعوة وتجميع الأمصار وإعداد الكوادر وإعداد الخطط وتنفيذها. ودليلنا على ذلك أن عام 1926 الذى شهد أول موسم للحج بعد سقوط الحجاز هو أنشط الأعوام فى نشر الفكر السلفى فى مصر وخارجها.
*من الأسر التي هاجرت الى مصرآل السكاكيني وحبيب السكاكيني الذي أنجزدار الأوبرا في أسرع وقت فأنعم عليه الخديو إسماعيل قصراً عُرف بإسمهم قصر السكاكيني،وعشرات من الشوام منهم كريم ثابت وآل تقلا ،الذي منحه الخديو إمتياز الأهرام إعجاباً به لمدحه الخديو بقصيدة رنانة،وكذلك إنطون الجميل وخليل ثابت الذين نالا عضوية مجلس الشيوخ،والمحامي إنطوان مارون

أما الأدباء، فهم جورجي زيدان ،صاحب مجلةالهلال ،التي إنتشرت في كل الدنيا والأديبة مي زيادة،وخليل مطران وألبير أديب وهذه نماذج أردت الإشارة إليها بدون إسهاب لأحافظ على سياق الموضوع




تطور الدولة السعودية

الدولة السعودية الأولى أو السلطنة النجدية  تأسست سنة 1744 وكانت عاصمتها الدرعية وشملت أجزاءا
كبيرةمن شبه الجزيرة العربية ، وإنتهت الدولة السعودية الأولى بسقوط نجد بيد القوات التركية تحت قيادة إبراهيم باشا عام 1818وكان محمد علي قد أرسل إبنه طوسون في 1811 لمحاربتهم ودارت معارك وتمكن جيش مصر من فتح المدينة عام 1812 وفي عام 1816 أرسل إبنه إبراهيم ودار القتال ،حتى تراجعوا الى الدرعية وتحصنوا فيها

جيش إبراهيم باشا يدك الدرعية

وفي عام 1818 إستسلم الوهابيون ودكت جيوش إبراهيم باشا الدرعية دكاً حتى يقال إنه حرثها بالمحراث

*الدولة السعودية الثانية إمارة رشيد    تأسست بدعم من العثمانيين عام 1834 في نجد بحائل على يد الأخوين عبد اللة الرشيد وعبيد العلي الرشيد (من قبيلة شمر)الذين هزموا آل سعود وطردوهم الى الكويت عام 1891 وضمت دولتهم جميع الأقاليم النجدية


*الدولة السعودية الثالثة التي أنشأها عبد العزيز آل سعود بعد رجوعه من الكويت  وتوحدت بدولة
واحدةعام 1932 وأصبح عيداً وطنياً


نبذة عن أحوال مصر فى النصف الأول من القرن العشرين

حركة التنوير المصرية

كانت التصوف هو التدين السائد تحت شعار السنة في العالم الاسلامي السني، وكانت الوهابية السنية هي الاستثناء في هذه القاعدة مع وجود انصار لها في مصر وشمال افريقيا، وكان الوهابيون ينقمون علي الشيعة والصوفية عبادتهم للأضرحة وتقديسهم للبشر ، ،وكان الشيعة والصوفية ينقمون علي الوهابيين استحلالهم
لدماء المسلمين المسالمين وهدمهم لما يعتبرونه مقدسات ،كما كان لوجود مثقفي الشام دور كما  أسلفنامع حركة التنويرالأولى التي مثلها محمدعبدة ورفاعة الطهطاوي ثم طه حسين والعقاد وشوقي
وعلي عبد الرازق والمازني وقاسم أمين وحافظ إبراهيم ونخبة من مثقفي ومفكري مصر أكبر الأثر لتعطيل إنتشار الوهابية،مع العلمانية التي حملها مثقفي الشام المسيحين الى مصر

جهود السعودية لجعل العمق المصري الشعبي والحضاري إمتداداً للمذهب الوهابي

ويشير المفكر طارق حجي إلى ما يلي

فبعد أن أعطى ابن عبد الوهاب الفقيه الشرعية الدينية لآل سعود، وأصبحت الوهابية هى مصدر الشرعية للنظام، تمكن الملك عبد العزيز من تأسيس مملكته بمساعدة البدو، الذين شرّبهم تعاليم الوهابية، ولقّنهم مفاهيم الجهاد وتكفير الآخرين، كمبرر لغزوهم واحتلال أراضيهم، فكل من ليس وهابيا من المسلمين مشرك، وكل يهودي ونصرانى كافر، ولا بد من جهاد الجميع، هؤلاء البدو الوهابيون اشتهروا باسم " الإخوان " وكان اسمهم كافيا لدب الرعب في قلوب الناس، لما اشتهروا به من مذابح مروعة.
أراد الملك بعدها تكوين تنظيمات اخوانية خارج الجزيرة العربية، عوضا عن الاخوان البدو المشاغبين، بهدف نشر الوهابية فى بلاد المسلمين مع التركيز على مصر والهند، والعمل على تحويل الصوفية فى مصر إلى الوهابية.)


وبذلت السعودية الجهود المستميتة ،ليكون العمق المصري الشعبي والحضاري 

امتدادا للدعوة النجدية والدولة السعودية الثالثة وكان رواد هذا التحول في مصر اثنين من الشيوخ الشوام وهما محب الدين الخطيب ورشيد رضا وعن طريق رشيد رضا ، بالذات تسلل الفقه الوهابي الي مصر عبر الطرق الاتية :-

الجمعية الشرعية(1913 ) ، جمعية أنصار السنة (1926 )،جمعية الشبان المسلمون (1927 )والذي قتل حسن البنا على أبوابها ،وأخيرا جماعة الإخوان المسلمون(1928 )


جماعة أنصار السنة المحمدية(1926)


الشيخ محمد حامد الفقي


ثم استقطبت الوهابية بعد ذلك احد رجال الأزهر المتشددين وهو الشيخ محمد حامد الفقي والذي قام بدوره بتأسيس أول قاعدة للوهابيين في مصر وهى جماعة أنصار السنة المحمدية التي تبنت الوهابية قلبا وقالبا وأخذت تدعو لها من فوق المنابر وقامت بإصدار مجلة تحت اسم، الهدى النبوي تغير اسمها فيما بعد إلى التوحيد التي مازالت تصدر حتى اليوم وذلك في عام 1926م




ومن المعروف بأن جماعة أنصار السنة المحمدية هي

حركة وهابية خالصة يقودها الشيخ الأزهرى حامد الفقى صديق الملك عبد العزيز، وفى النهاية أنشأت حركة الإخوان المسلمين بديلا عن إخوان عبدالعزيز، ولكنها تحمل اسمهم ونفس شعارهم ، وكان
هدفها المعلن هو التربية الاسلامية، وهدفها المستتر هو الوصول للحكم لاقامة دولة وهابية.(تسمية الإخوان جاءت من العصر العثماني،مدونتي عن الخلافة العثمانية)



جهود البنا



جماعة الاخوان المسلمين ،سنة 1928 وهي الاتجاه الحركي السياسي المسلح ،وكان انشاؤها بعناية رشيد رضا وتوجيهاته . ورشيد رضا هو الذي قام بتقديم الشاب حسن البنا الي اعيان السعودية واعمدة الدعوة الوهابية،ومنهم حافظ وهبة مستشار الملك عبد العزيز ،ومحمد نصيف اشهر اعيان جدة ،وابنه عبد الله نصيف هو الذي يتزعم رابطة العالم الاسلامي ،والتي يتغلغل من خلالها النفوذ السعودي الى العالم الاسلامي حتي اليوم ،وهي التي لعبت دورا في تجنيد الشبان للذهاب الي افغانستان وتدريبهم هناك



إستطاع البنا عن طريق الدعم السعودي



بإنتقال الوهابية والنفوذ السعودي إلى شمال أفريقيا غرباً، وإلى الشام شرقا، وإلى الجاليات الاسلامية فى أوروبا وأمريكا فضلا عن الهند والباكستان، وتوسع إنفاق المملكة العربية السعودية لنشر ثقافتها الدينية في ربوع العالم كبناء مساجد تتبعها، ودعم فقهاء ووعاظ موالين لها، وغير ذلك من مواد دعائية وإعلامية ، وبهذه الأموال استطاع الاخوان تقديم الفكر الوهابى للمثقفين المسلمين والطبقة الوسطى بأُسلوب عصرى مفهوم، يختلف عن اسلوب محمد بن عبدالوهاب الفقهى الاصولى الجاف، ثم صاغوا الوهابية فى شعارات سياسية مقبولة لجماهير المسلمين مثل الاسلام هو الحل، وتطبيق الشريعة، دون الخوض فى التفصيلات.
أهم من ذلك كله أن الإخوان المسلمين أجهضوا المشروع الإصلاحى التنويرى للشيخ محمد عبده الذي كان يعد بالكثير، لصالح الهدف السياسي السعودي، واستطاعوا نشر الكثير من المفاهيم الوهابية المتشددة والتي تأخذ طابع العنف والتعصب ضد الغرب والمسيحيين واليهود وطابع التخلف والتزمت في قضايا المرأة والمجتمع


وهنا برز صوت مجتهد ،هو صوت الشيخ محمد عبده

الشيخ محمد عبدة 1849  -1905


الذي إنتقد الوهابية في تزمتهم وتشددهم، ووضع اصولا للاسلام تخالف الايدولوجية الوهابية هي:

1-  قيام الايمان علي العقل
2- تقديم العقل علي ظاهر الشرع عند التعارض بينهما
3- الابتعاد عن التكفير
4- التفكر بسنن الله في الخلق ،أي الاستدلال العلمي
5- هدم السلطة الدينية والدولة الدينية  فليس في الاسلام سلطة دينية .وانما دولة مدنية ،ولم يجعل الاسلام لأي فرد او جماعة سلطة علي العقائد وتقرير الاحكام
6- حماية الدعوة لمنع الفتنة ،فالقتال في الاسلام لرد الاعتداء وليس في التكفير والاكراه في الدين
7- ومودة المخالفين في العقيدة
8-والجمع بين مصالح الدنيا والآخرة والنبي لم يقل بع ما تملك وإتبعني ونهي عن الغلو في الدين وأباح الزينة والطيبات(الإمام محمد عبدة :الإسلام بين العلم والمدنية)        

ومع علو مكانة الامام محمد عبده الدينية والسياسية ووجوده في مصر الاكثر انفتاحا الا ان المناخ العام السائد اجهض دعوته ،فمات يلعن الشيوخ الذين اضاعوا الاسلام



الوهابية في العصر الملكي

عصر التنوير الأول ومقاومة الإحتلال البريطاني لم يتح للوهابية الإنتشار

 إلا انه لم تتح للوهابية طوال فترة العصر الملكي الفرصة الكافية للانتشار والتمكن في واقع المسلمين والتأثير على العقل المسلم وتشكيله وذلك لكون الساحة لمصرية كانت مشغولة آنذاك بالقضية الوطنية ومقاومة الاحتلال الإنجليزي وذلك بالإضافة إلى الحالة الأدبية والثقافية التي كانت منتعشة.
والخلاصة أن الساحة لم تكن خالية أمام الوهابية في تلك الفترة فقد كانت مليئة بالصعوبات والعقبات والتحديات التي حالت دون انتشارها وبروزها في الساحة الإسلامية

الوهابية تستقطب رجال الأزهر

تمكنت الوهابية من استقطاب العديد من رجال الأزهر وبعض رجال التعليم مثل الشيخ عبد الرازق عفيفي والشيخ عبد الرحمن الوكيل والأستاذ محمد على عبد الرحيم الذي كان له دوره البارز في فترة السبعينات داخل الجامعة المصرية حيث تمكن من تعبئة الطلاب بالأفكار الوهابية لأولئك الطلاب الذين قامت على أكتافهم الجماعات الإسلامية فيما بعد

عبد الرزاق عفيفي

وكان الثلاثة المشار إليهم قد عملوا في مجال التدريس في الجزيرة العربية فترة طويلة. وعفيفي على وجه الخصوص أقام هناك إقامة دائمة حتى أصبح من هيئة كبار العلماء،وكان له دوره البارز في فترة السبعينيات كما أسلفنا

فترة عبد الناصر

ومع سقوط الملكية في مصر جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن حيث بدأ عبد الناصر في الاتجاه نحو الشرق  بعد أن خذله الغرب بموضوع السلاح وهم يرون إسرائيل تضرب غزة ومصر لا سلاح لديها(غزة كانت تحت الإدارة المصرية) وبعد ضرب الإخوان وتصفيتهم اتجهت الدولة إلى محاربة أفكار السعودية وسقطت جماعة أنصار السنة ، نتيجةالموقف المصري المعادي لمنبع الوهابية وتوقف نشاطها حتى جاء السادات فعادت لمزاولة نشاطها من جديد بصورة أكثر نشاطا وفاعلية


عصر السادات

وكان تبني السادات سياسة معاكسة لسياسة عبد الناصر حيث اتجه نحو الأمريكان وتصالح مع السعودية قد فتحت مصر على مصراعيها أمام المد الوهابي.. وبرزت جماعة وهابية جديدة على الساحة كانت قد انشقت عن جماعة أنصار السنة وتسمت باسم جماعة أنصار الحق وأصدرت مجلة باسم الهدى النبوي

وجاءعصر مبارك ،

لتكتمل فصول المسرحية وتتنازل الدولة عن دورها في حماية مواطنيها والنهوض بحياتهم إجتماعياً وإقتصادياً وثقافياً ،وأستغل الإخوان الفساد والإحتكار الذي عم المحروسة فقاموا بدورهم خير قيام والدولة تتفاوض معهم تارة وتعاديهم أخرى وبيان هذا الموضوع في التفصيل سيأتي عند عصري السادات و مبارك والإخوان



أعمدة الوهابية الذين نشروا المذهب الوهابي في مصر

حافظ وهبة 1889 -1967

من مواليد بولاق وتلقى علومه في الأزهر وهو من الشخصيات المتميزة ويمتلك حضورا وذكاءاملحوظاً مما دعى الملك عبد العزيز آل سعود للإستعانة به واصبح مستشاراً له ،ويقال إنه إشترط على الملك شروطاً قبل أن يوافق على العمل معه منها مثلاً أن يعامله معاملة إنسان وليس كما يعامل موظفيه ،كخدم، فرد الملك لك أن أعاملك معاملة السيد والصديق
ولقد تعاون رشيد رضا مع حافظ وهبة  وكانوا يداً واحدة لربط الإخوان بالمذهب الوهابي

الشيخ وهبة يرسم سياسة السعودية

وهو الذى رسم للملك سياسته من الألف الى الياء. قد تجاهل التناقض بين منهج محمد عبده والمنهج الوهابي وزعم ان الامام محمد عبده كان يشيد بابن عبد الوهاب
وكلن الملك عبد العزيز يستمع الى مشورة حافظ وهبة ،واقامت مشورته فجوة بين الملك عبد العزيز وفقهاء  الوهابية المشهورين بتزمتهم وجمودهم


محب الدين الخطيب  1886 -1969(سوريا)

ميلاد أول كتاب وهابي في مصر

وفد محب الدين الخطيب الى مصرفي العشرينيات فارا من وجه العثمانيين بالشام بعد إتهامه بالإنتماء الى حركة تحريرتركيا وقام بتأسيس المطبعة السلفية ومكتبتها بمنطقة الروضة والتي شهدت ميلاد أول كتاب وهابي في مصر ثم توالت الكتب الوهابية ولقد قام محب الخطيب بتغيير كتاب فتح الباري شرح البخاري بما يوافق المذهب الوهابي وأصبح بيد الشباب يتداولوه ويدرسوه فيما بينهم ولقد أقر الخطيب في مقدمة الكتاب الذي صدر عن طريق المطبعة السلفية بذلك
إنشاء جمعية الشبان المسلمين(فكانت هذه الجمعية في أول تأسيسها منارة إصلاح ورسالة توجيه وإرشاد)
ومنتديات جمعية الشبان المسلمين
مجلة الفتح
مجلة الزهراء
كما أصدر محب الدين الخطيب مجلة (الزهراء) التي تعنى بالبحث العلمي والنقد الموضوعي للأفكار الوافدة والمقولات الباطلة التي يرددها الببغاوات من تلامذة الغرب و فروخ الاستعمار وأدعياء الثقافة والأدب ورموز التغريب السائرين في ركاب المستشرقين والمستعمرين الصليبيين

وأصدر محب الدين الخطيب مع حسن البنا وطنطاوي جوهري مجلة الإخوان المسلمون عام 1933


رشيد رضا لبنان-   1865- 1935


رأى رشيد رضا إن مجال دعوته مكانها المناسب هي مصر فتوجه إليها عام 1898  وأصدر مجلته (المنار)ذائعة الصيت متخصصة في الدعوة الوهابية والسعودية هذا بالإضافة الي مؤلفاته المتخصصة (كالخلافة والسنة والشيعة ) ،وفيها يدعو الي الخلافة الاسلامية ويري في ابن سعود المؤهل الوحيد للخلافة
وبذل رشيد رضا جهوده خارج نطاق الجمعيات ،وقام بتأسيس مدرسة الدعوة والارشاد
لتخريج الدعاة وذلك في جزيرة الروضة سنة 1912، وكانت تجاوره مؤسسة الزهراء للسلفي الشامي
محب الدين الخطيب في نفس المنطقة
.وعن طريق مطبعة المنار نشر رشيد رضا الكثير من مؤلفات ابن حنبل وابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب ،وتوفي رشيد رضا بعد ان قام بتوديع الامير سعود ولي العهد في ميناء السويس سنة 1935
1وترك الراية يحملها وراءه حسن البنا

وفي القاهرة كانت أيام حسن البنا وجماعته في مرحلتها الثانية ،كان كل همه هو أن يُنشأ شُعَبا لجماعته في كل أنحاء البلاد ،وتفرعت الجماعة وتشعبت حتى تشبعت بها الأقاليم ، وبطريقته الدمثة الحماسية نجح البنا في أن يضم إلى جماعته أقطابا من العلماء مثل الشيخ طنطاوي جوهري ويوصف بإنه أحد عباقرة المصريين في القرن العشرين

لقاء البنا مع أقطاب الوهابية

وفي القاهرة أيضا كان من اليسير على البنا أن يلتقي يوميا بالشيخين رشيد رضا ومحب الدين الخطيب ،ومعهما التقى بحافظ وهبة مستشار الملك عبد العزيز آل سعود ، ثم سافر إلى الحج ، ويحكي رفاق البنا في هذه الرحلة أنه التقى فيها بالملك السعودي ملك المملكة الناشئة ، ومن بعد هذا اللقاء أصبح شعار الجماعة هو( المصحف والسيفين )وشعارها الآخر هو ( الله أكبر ولله الحمد )وكأن إخوان الوهابية يُبعثون من جديد ولكن في مصر ، وفي المستقبل ستكون جماعة الإخوان في مصر في القرن الواحد والعشرين هي المقر الرسمي للفكر الوهابي .

وشيئا فشيئا اتجهت بوصلة البنا الدعوية إلى طريق آخر ، فمع مؤتمرات الإخوان ورسائل البنا كانت السياسة هي شمولية الجماعة ،فمع اختلاط مفهوم الجماعة والدعوة إليها عند البنا مع مفهوم الدعوة للإسلام ، كان لابد أن يتجه بجماعته ناحية الشمول ،فالإسلام الشامل ،لا يقيمه في ظنه ،إلا جماعة واحدة على شرط أن تكون هي الأخرى شاملة ،متجاهلاً أن الإسلام ليس هو الجماعة.

الإخوان المصريين سلاح السعودية

وهكذا نرى إن عبد العزيز آل سعود استعاض عن الاخوان البدو المشاكسين بإخوان اخرين مصريين يدينون له بالولاء ويعملون في نشر الايدولوجية الوهابية في اكبر عمق عربي واسلامي يلاصقه ،وينتظر منهم ان ينشروا هذه الدعوة الي افاق ارحب في العالم العربي –وهذا ما حدث –وايضا ان يحولوا دعوتهم الدينية الي حركة سياسية في المستقبل –وهذا ما حدث –وربما ينجحون في الوصول الي الحكم وبذلك تعود الدولة الاسلامية الاولي ليحكمها آل سعود بدون الفتح العسكري وأعبائه التي هم في غنى عنها
وأنطلق المنهج الوهابي الي آفاق ارحب ،حين ركز علي مصر،فنشره الاخوان المصريون من خلال سيطرتهم على الأزهر ومناهجه الدينية الي العالم العربي والاسلامي ،وتحول التدين المصري من التصوف الي الوهابية ،خلال النصف الثاني من القرن العشرين ،خصوصا بعد أن سقطت الأيدولوجية القومية واليسارية


وهنا لابد ان نستعرض جانبا من العلاقات المصرية السعودية بعد ثورة يوليو لتكون إشارة لما جرى وبعدها ستكون رئاسة الرئيس أنور السادات
بدأت العلاقات المصرية السعودية بعد ثورة يوليو كإنها تسير في إتجاه معقول وتبودلت الزيارات فيما بين البلدين وقد سأل الملك سعود جمال عبد الناصر في 
إحدى الإجتماعات

الملك سعود يطلب نصيحة عبد الناصر

طال عمرك كيف تنصحنا بترتيب أوضاعنا في المملكة فبدا عبد الناصر محرجاً ولكن الملك سعودرجاه أن يتكلم بدون قيود
وشرح لهم عبد الناصرفكرته بقدر ما رآه ملائما
إن أهم شئ في نظره هو العدالة الإجتماعية وعلى قدر ما تسمح ضروفكم تجنب تكدس الثروة في طبقة معينة وحرمان بقية الشعب منها
وإستمرت العلاقات بصورة جيدةولكن كيف لإمريكا والقوى الأخرى أن ترضى بهذا التقارب وكيف يهنأ لهم بال والعرب قد ساروا في طريق يختلف عن أهدافهم وهذا التقارب سيهدد أمن ومستقبل  إسرائيل
وحبكت الخطط  لكي تفرق بين مصر والسعودية

وجاء الفصل الفاصل

وفي خضم الأحداث التي مرت لإعلان الوحدة بين مصر وسوريا أستفزت الأطراف التي شعرت بإن ذلك يمسها ولايمكن السكوت عليه فمجرى الأحداث سيجرف نظمهم ويهدد على الأقل إمتيازاتهم
وهنا أورد ملخصاً لما كتبه محمد حسنين هيكل تفصيلاً لما جرى، في كتابة سنوات الغليان
تواردت أنباء عن مقابلة الملك سعود في بادن بادن لبعض المصريين من رجال العهد الملكي السابق وإنهم عادوا الى بيروت وأخذوا يتحدثون على إمكانية التغيير في مصر
السعودية تعمل على تغيير نظام الحكم في مصر
وفي زيارة للملك سعود الى عمان تلقت القاهرة معلومات عن قول للملك سعود إن الجماعة في مصر(مصبحين أو ممسين)
وطلب ضابط مصري هو العقيد عصام خليل مقابلة عبد الحكيم عامر ذاكراً له بأن أحد أقاربه وهو من أنسباء الأسرة المالكة حاول تجنيده لإقامة إنقلاب عسكري في مصر وسلمه مبلغ 162000 جنيه إسترليني وقام الضابط بتسليم المبلغ الى عبد الحكيم عامر ،فإنكشف السر وأحسوا في السعودية بإن القاهرة تعرف كل شئ
إنكشاف الخطة ويسارع الشيخ يوسف ياسين السفر الى مصر لنفي الموضوع
وطار الشيخ يوسف ياسين مستشار الملك سعود لينفي الأمر كله وإن الملك لادخل له في الموضوع وعرض عليه جمال عبد الناصر وثائق العملية فرأى الشيخ يوسف ياسين إن هذاالأمر أكبر من أن يعالجه فرجع الى السعودية وجاءالأمير فيصل ولي العهد محاولاً بكل طريقة نفي علاقة الملك ولكن الحقائق كانت واضحة فرجى الأمير فيصل عبد الناصر أن لا يثير الموضوع علانية وإنه سيرجع الى المملكة لمعالجة الأمر مع الملك سعود ،ولكن يا سيادة الرئيس هل إنت مستعد لمقابلته فرد عبد الناصر بكل تأكيد أذهب إليه في السعودية بشرط أن تكون معنا وسافرالأمير فيصل الى السعودية ولم يسمع منه عبد الناصر شيئاً ولكنه سمع من الملك سعود نفسه
بإن تتم وحدة عربية بين العراق والسعودية والأردن وسوريا ويكون عبد الناصر هو المتصرف الوحيد فيها
وبدا لعبد الناصر إن الملك سعودحائراً ومحرجاً ولكن الملك سعود لم يكن حائرا ولا محرجاً كان يعمل بكل طاقته لهدم الوحدة

جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة(فبراير1958 )
هنا حلت الكارثة على الغرب وإسرائيل وكل الأطراف التي ترى في وحدة العرب قوة تهددها*
*أصبحنا فإذا تعداد سوريا 20 مليون نسمة والبارحة كانوا 2 مليون نسمة(رئيس وزراء تركيا)
*صرح داود اوغلو وزير خارجية تركيا ورئيس الوزراء حالياً بأن سبب مشاكل العرب هو عبد الناصر
وأكيداً له الحق بكراهية من أنهى حلم الخلافة التي كانت ولا تزال هاجسهم
تم الإستفتاءعلى الوحدة وأنتخب جمال عبد الناصررئيساً لدولة يراها للمرة الأولى
وصل جمال عبد الناصر الى دمشق في يوم 24 فبراير 1958 وبدأت الجماهير تزحف بأمواج من البشر لاتخطرعلى بال إنسان وأطل عبد الناصرعلى الجموع عدة مرات، ثم دخل ليرتاح قليلاً وكان معه عبد الحميد السراج
السراج  -هناك أمراً في غاية الأهمية أريد أن أعرضه عليك
عبد الناصر - ألا ينتظر للصباح
السراج - أعرف مبلغ إرهاقك ولكن الأمر لا يحتمل التأجيل
عبد الناصر - هل يضايقك أن اسمع وأنا مستلقي على السرير
السراج - سيدي أريدك أن تستريح ولم أكن اشغلك لولا خطورة الموقف
ثم راح السراج يروي تفاصيل ما لديه وهو يخرج مجموعة من الأوراق ويضعها على مائدة بجوار السرير
إن الملك سعود له صهر إسمه أسعد إبراهيم والملك متزوج من إبنته التي أنجبت إبنه خالد،وبواسطةوسيط عرض علي مبلغ مائة مليون جنيه إسترليني إذا  قمت بإنقلاب يحول دون الوحدة وقبل الإستفتاء
وعرضوا أن يدفعوا  عشرين مليون جنيه مقدماً على أن يدفع الباقي عند نجاح العملية
نهض جمال من فراشه وأخذ مقعداً في مواجهة السراج وأخذ يقرأ الأورق التي أمامه والسراج يسترسل في سرد الأحداث وإن الملك سعود أرسل الشيك على حساب في البنك العربي وتم تحويل المبلغ الى حسابي في سويسرا(حساب السراج) وهذه هي كل المستندات وليس هذا فقط ولكن هناك تفاصيل لعملية ثانيةبديلة بضرب طائرة عبد الناصر في الجوإذا جاء الى دمشق بعد الإستفتاء
وطلب عبد الناصر من السراج أن يروي ما حدث أمام شكري القوتلي ،وضرب القوتلي كفاً بكف مردداً لا حول ولا قوةإلا بالله
وبعد أقل من ساعة كان جمال عبد الناصر في شرفة قصرالضيافة في دمشق يروي للجماهير المحتشدة،في ساحته والمزدحمة حتى سفوح جبل قاسيون تفاصيل القصة وأسرارها ولم تسمعها الجماهير وحدها وإنما وصلت الى كل الأمة العربية ،والى أركان الدنيا بما فيها السعودية وأمريكا

رد الفعل في السعودية

وكانت بمثابة قنبلة إنفجرت في الرياض وهرع بعض من الأمراء الشبان الى القصر الملكي فإذا الملك في المدينة المنورة ، وكان الأمير طلال* هو أول من تمكن من الإتصال بالملك ودعاه لكي ياتي إليه في قصره في المدينة المنورة ودخل الأمير طلال وكان مع الملك نائب الأميرللمدينةعبد الله السديري وسأله الأمير طلال إذا كان قد سمع ماقيل في دمشق
ورد الملك هل صدق أهل المدينة ما قاله الحاسدون في دمشق ،وسكت نائب أمير المدينة وكان صمته جواباً
وأحس الأمير طلال بأن الملك يراوغه فقال له منفعلاً
بالله يا طويل العمر،أن تبيض وجوه آل سعود لو تركنا ما أذيع بدون رد لسودت الفضيحة وجوهنا ،ونحن لانمثل فرداً او إثنين ونحن خمسة آلاف من آل سعود وتصنع الملك إبتسامة ثم قال لطلال(إبشر إبشر ما يخالف لا تنزعجوا)وفي الصباح قصد الملك الرياضونزل في مطار خاص  ودعا مستشاريه ولم يكد المجلس ينعقد حتى دخل
عم الملك الأمير عبد الرحمن بن سعود ويعتبر عميد الأسرة السعودية ، وقد ساد الصمت المطبق إلا من جملة يرددها الملك لكل واحد كيف حالك كيف حالك
ونهض الأمير عبد الرحمن واقفاً يقول للشيخ يوسف ياسين مستشار الملك( الى أين تذهبون بآل سعود يا يوسف الى الأرض الحضيض أو الى جهنم وبئس المصير) قالها وأنصرف
وصدر عن الديوان الملكي بياناً (إن جلالة الملك اصدر قراراً ملكياً بتكوين لجنةللتحقيق في الأمر وسوف تنشرالحكومة نتيجة هذا التحقيق )وأعتكف الملك في منزله لا  يقابل أحداً ولا يأذن لإحد بالدخول عليه
وكان كبش الفداء البنك العربي الذي أتهم من قبل الديوان الملكي بإنهم لم يراعو السرية في تحويلات المبالغ ومن ثم إستدعى الملك الأمير  فيصل وخوله كل سلطات الملك الدستورية وفي النتيجة الأخيرة من هذا الفصل تنازل الملك سعود للأمير فيصل عن الحكم ،ومن المفارقات التي حدثت بعد ذلك إختيار الملك سعود القاهرة ليعيش فيها وقبل عبد الناصر ذلك
*تفاصيل ماحدث بين الأمير طلال والملك رواها الأمير طلال الى جمال عبد الناصر شخصياً وبنصوصها
الكاملة مودعة في أرشيف منشية البكري وبخط السيد سامي شرف

أمريكا بعد سماعها الخبر
وكان إيزنهاور في واشنطن يتابع ما يجري في المنطقة وكانت التصرفات المفضوحة التي إنكشفت بتلك الصورة صدمة لإيزنهاور لإنه كان يخطط لتحالف يواجه الجمهورية العربية المتحدة ومعلقاً على فشل ذلك
(كان المفروض أن تتم هذه الخطوات بطريقة سرية ومحكمة وليس بهذه السرعة والتخبط)وكان ايزنهاور يتمنى دائما بأن يتحالف عبد الناصر معهم وطبعا وفقا لشروطهم (وكان تعليقه في وقتها صادما للسعودية)
ومن الناحية الأخرى عرف عبد الناصر بما لايترك مجالاً للشك بإن الرد على ماحدث سوف يأتي له سراعاً

العالم العربي بعد سماعه الخبر
كان وقع الخبر، شديداً في العالم العربي الذي مثل لهم هذا الموقف ،إعتداءا على مشروعهم متمثلا ،ًبإبنهم البار الذي إدخروه لإيامهم القادمة، وأملاً لهم ، لتشرق شمسهم من جديد ،لوطن أفضل بإرادة حرةووطن تقام فيه أسس العدالة الإجتماعية ، في مجتمع الكفاية والعدل
وهذا فصل واحد للعلاقات السعودية المصرية في عهد عبدالناصر،لتوضح ما جرى بعد ذلك وتبعتها فصولاً اخرى لم تهدأ ولم تسكت مؤقتاًإلابرحيله ، و لم يسكتوا حتى بعد رحيله ،والهدف كان بكل وسيلة كسر مشروعه وجاء خليفته الرئيس السادات ليبدأ عهداً جديداً ومختلفاً كل الإختلاف فقد أصطفت السعوديةمع أمريكا لمساندته وبكل طريقة
وهكذا
بعد أن استعرضنا علاقة الإخوان المسلمين بالمملكة العربية السعودية وجهود السعودية في نشر المذهب الوهابي وتوقف هذه الجهود في الجمهورية الأولى التي بنت مصر الحديثة المدنية وبدأ فيها ومعهاعصرالتنوير الثاني وقضت على أحلام الخلافة
نأتي في الفصل الرابع الى مرحلة أخرى من مسيرة الإخوان عندما فقدت الأمة من محيطها الى خليجها إبنها البار ، جمال عبد الناصر،وجاءت للإخوان بما لم يكونوا يحلموا به على إمتداد تاريخهم وهي رئاسة الرئيس أنور السادات





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق