إفطار
جامع الحسين رض في القاهرة لميسون عوني
إجتمع شمل الأحبة صفت النفوس وعمرت
القلوب وغمرتها الفرحة محاولين ان نتغلب
عن الخوض في
مشاكل بلادنا ببارقة أمل أن
نرى
أياما أحسن من التي مضت، إجتمعنا ع مائدة الإفطار في الساحة الخارجية لجامع الحسين
في أرض
الكنانة ، وقد هفت نسمات
الخشوع تغلف إبداع التلاوة ،وترتيل الرحمن ينعش
نفوسنا وعذوبة البيان تسري في دمانا ،وسهونا عن صيامنا وإرتجفت قلوبنا وقد سكنا
وسكن الكون كله يستمع الى نغمات السماء بصوت من السماء إنساب
رقيقا عفيا ،ملك العقول قبل حشاشة القلوب وإنتثرت المصابيح
لتمنح الصائمين
فرحا منعشا واشتعلت شموع النذور واشتعل معها
نبض العروق وحنين الروح الى سليل الرحمة إبن عليا
والزهراء حفيد الرسالة تحنو عليها شجرة آل هاشم
وتسربل
المكان بنور النبوةوخشعت القلوب لذكر الأمين
وأنطلق آذان الرحمن رخيما هادئا صافيا ،بدون
ضجة ولا صرخة ،وكأن روح بلال قد تملكته ،وصفاء الدعوة قد إنغمر فيه ونظرت
الى
مجلسنا مجلس الأحبة والى الإحتشاد الذي ملأ المكان
وأحسست بالراحة والأمان يعمر قلبي ويتغلغل في
حنايا روحي وتملكني الشوق للإمام الأعظم وأخيه
وصنوه جعفر الصادق وأخذنتي كتب المعرفة إليهما
يتشاوران في سجنهما ويتباحثان في أمور دينهم
ودنياهم وإين نحن منهما الآن ،اين نحن من ثقة
العقول بالتدين الحقيقي والإيمان الروحي فالإثنان كانوفي سجن واحد ع قلب واحد
ومصير واحد لرفعة الأمة ، عذرا ثقاة العقل والتدين فنحن لم نحفظ الأمانةوأخذتني الذكرى الى الساحة المقابلة لجامع الإمام
عندما كانت شعلة من الحياة تمتلأ وتفيض
بالصائمين وتستعد لإستقبال مراسم السحور الجميلة
2
وقد عبق في الجو أزكى الشواء وأطايب الطعام
العراقي السائغ وقد برقت إستكانات الشاي لتبل عروق
الصائمين
يا وطني
كنت أتمنى أن أملك قرائح الشعراء لكي أصفك وأدبج قصيدي لكي
أعلن حبي ووفائي لك وأن أقول لكل الدنيا بإنك لن تموت وأن مجدك سيعود
ولكن
كيف اصفك أجل الوصف وأفيك حقك من أعماق القلب وقد تخلى عني القلم ولم يسعفني
البيان
عاجزة ارتجف من شوق الذكرى وحنين الإيام
وأفقت وأنا أحكي
لصديقتي عن هذه الأمنية ورايتها ساكته تنظر
لي بحزن شديد كانت في بغداد وفي الأعظمية بالذات وتاهت
فيها
ودارت بين جدران الإسمنت الى أن وصلت الى المكان الذي تنشده وهو قريب من ذلك الذي
وَصفْته
وسألتها عن الشاطئ في بلكونة الأحلام الذي
قضينا فيه أزهى الأيام ونستعد فيه للإمتحان وردت لم أرى
شاطئنا فقد تحول الى يباب ولمحت دمعة بجهد ردتها
، يا رب بحق جلالك ساعدني لا
تخذلني أريد أن أكتب عن ،مرابع وطني وفجر شبابه
عنفوان آماله وأحلام مناه ،عن العراقة والحضارة
التي
غلفته وعلاه ،عن المخطوطات والكتب الفريدة التي شعت بسناه ،وعن ابناءوطني بفطرة
البساطة
ورونق الثقافة رفرفا في حماه.
وردتني
الى أيام و قد إنغمسنا بالتحضير للإختبار وإذا بالمذياع ينبهنا بسعادة لإجمل نداء
وأنتصف ليل
القاهرة وتعجبت وماذا يهمنا إذا إنتصف ليل
القاهرة
3
وصدح
صوت أم كلثوم يشدو بإنت عمري وخفقة المجاف أخذتني الى قارب النهر يتهادى في أمواج
دجلة ومجدافه يشدوقطرات كإنه يهمس لها ان ضميني
فليس كمثلك دفئا وغمرا وليس كموجك دفقا وحبا ،وليس كضفافك أملا وسكنا،
ضميني فإن الفراق وشيك
والهجران أكيد
لا تأمني الزمن فهو بالغدر عنيف ولن تشفع لك
أمواج الشاطئ الشفيف وقد جف ماؤه فهو حزين ،كحزننا
وليس له من أنيس
وطني
لاتنتظر مني الرثاء فمجدك باق وتاريخك بين
الخافقين مضاءوهي لمحة من الزمن وستعود كما أملنا فيك
عزة
وبهاء
واقول كما قال الدكاترة زكي مبارك مخاطبا
بغداد
أشهد إنك قد صنعتي بقلبي وعقلي ما عجزت عنه
القاهرة وباريس *
شكرا يا بن الكنانة فلقد أعنتني ما عجزت عنه
ا*الدكاترة زكي مبارك ولد في 1892 وتوفي في
1952
يقولون ليلى في العراق مريضة فاقبلت من مصر
أعودها
فوالله ما أدري إذ أنا جئتها أبرئها من دائها
أم أزيدها
عاش في العراق من من 1937 الى 1938
سنة واحدة وأحبها كل هذا الحب
وكتب في مجلة الرسالة مقالات ليلى في العراق
مريضة ويا ليتني كنت الطبيب المداويا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق