1.
ميسون في 11-11-2011 لميسون عوني
تأملتْ (جميلة
الوجه، رشيقة القد*) ، الشاعرة ، موهوبة الفطرة
، بريئة الشعور ،ماضيا
حلوا نقيا، حلوا كأحلام الصبا ، نقيا
كقطرات الندى،وأخذتها الذكريات الى ملاعب
طفولتها ومرتع
صباها،وقد جدلت ضفائرها تطير مع الريح وتهرول ضاحكة
تسابق عبير
البيداء وهفهفة الروح تعانق عبق المكان،وحنى القمر
مضيئا بسحر الليال ،وحفنة من الرمال تبني فيها
بيوت الخيال ،
وقريض شعرها تنطلق ،كحرف البساطة في سماء الشعراء ،وفي
حمى أهلها
تغفو في حضن الأمان ،مطمئنة تنتظر حبيها وقد
إستقرت معه في خيمة الأحلام
وفي برهة قصيرة من الزمن
إنتبهت ،الجميلة ، من خيالها ، كإنه حلم
ليلة صيف،مطره منثورا رقيقا
وصحوه لاهبا عنيفا ، فأفاقت ،متطلعة الى قصرها المنيف ، وقد إمتدت أمامها غوطة دمشق
بكل زهوتها وعزها.
وجمالها ،كالربيع في توهجه وكالضياء في سطوعه ، ودارت نوافيره بساطا أخضر ،وروده
متوهجة كبرق الخفوق بهجةً للنفوس
و غصون الياسمين تحتضن نوافذ
العشق وتنشر
أريجها في صباح وشفق وأصيل
وعرائش الأعناب تغطي
غابات اللوز والتين
ومَجَدها الرحمن مسكاً عناقيداً للزيتون ،ولَونَ
التبر سفوح
الشام ورددت بشموخها ذرى قاسيون ووسَنَ البساط الأخضر
بإغفاءة عاشق يأمل بنثر
الطلى،وهمست في روحه قيثارةً كأنها تنتظر يوم المنى
وهي في قلب الشام ، وبين
يديهاو الخدم والحشم والقيان ،ولكن كل هذا النعيم لم يسعفها لتنسى
وكل هذا العز لم يقر عينها
لتهنأ، فسفحت دموع الألم وآهات العذاب ،شوقا الى أهلها ، وحنينا الى نخيل واحاتها
، ونكهة قهوتها وجمرة خيرها
ولهفةً لآهات الناي ، وصبرْ الربابة وحتى الى سراب مائها ، وتراءى لها حلما بعيدا خلف أسوارقصرها خيال حبيبها وإبن عمها فغبطت
ليلى على مجنونها وهيامه لعطر ثوبها(رب فجر سألته هل تنفستي بالسحرورياح
حسبتها جررت ذيلك العطرلإحمد شوقي غناءمحمد عبد الوهاب)
ويتنفسه في الصحراء شعرا
، ومن قلب الوجد، وأنين القلب، خرجت الى الهواء الطلق، عسى أن تتنفس عبير الحرية
وأن تغني
أشعارها خارج اسوار
الحجرات ، بأمل أن تشعر بإنها في فضاء الصحراء، ولكن أين هي الحرية ؟التي تحلم بها
وحولها عشرات
الوصيفات ،وحرس مدجج
بالسلاح يحسب
الحركة والأنفاس ، وشعرت بنسيم الشام
معكرا، ومذاق الثمار وقد تدلت من
الأشجار فجة ،لم تشعر بنكهة طيبها ، وحلاوة مذاقها
ودلفت الى داخل قصرها وقد شعرت بأوج حنينها ،
متفجرا ، و أنشدت تقول:-
ولبس عباءة وتقر عيني
أحب إلي من لبس الشفوف
إنها ميسون بنت بحدل بن
أنيف الكلبية ، زوجة معاوية بن أبي سفيان أول خلفاء العصر الأموي،وأقترن بها
معاوية لصيت جمالها وليكسب ولاء قبيلتها
فمر معاوية ،متعجبا مستغربا مشدوها ،وهي تكمل
أمام وصيفاتها :-
بيت تخفق الأرواح فيه - أحب إلى من قصر منيف
ولبس عباءة وتقر عيني - أحب إلي من لبس الشفوف
وأكل كسيرة في كسر بيتي - أحب إلي من أكل الرغيف
وأصوات الرياح بكل فج - أحب إلي من نقر الدفوف
وكلب ينبح الطراق دوني- أحب إلي من قط ألوف
وخشونة عيشي في البدوأشهى-الي من العيش الطريف
وخرق من بني عمي نحيف - أحب إلي من علج عنوف ( وتقصد فيه زوجهاالخليفة معاوية بن سفيان)
فما أبغي سوى وطني بديلا-وما أبهاه من وطن شريف
ولبس عباءة وتقر عيني - أحب إلي من لبس الشفوف
وأكل كسيرة في كسر بيتي - أحب إلي من أكل الرغيف
وأصوات الرياح بكل فج - أحب إلي من نقر الدفوف
وكلب ينبح الطراق دوني- أحب إلي من قط ألوف
وخشونة عيشي في البدوأشهى-الي من العيش الطريف
وخرق من بني عمي نحيف - أحب إلي من علج عنوف ( وتقصد فيه زوجهاالخليفة معاوية بن سفيان)
فما أبغي سوى وطني بديلا-وما أبهاه من وطن شريف
وعندما أكملت ظهر معاوية أمامها، وقد ملكه العجب ، وشتت تفكيره التساؤل قائلا:-
ما رضيت إبنة بحدل حتى جعلتني علجا عنوفا ،
فطلقها ورجعت ميسون الى أهلها وبيتها
وموطن حبها ، دارها وخيمتها
وهي تتلفت وجلة ، أن يرجع معاوية في كلامه ، وأرسلت النظر
تودع القصر ومن فيه بفرحة طفل بلقاء أمه
،واي لقاء يوم
أن قبلت قدمها
رمال نجد، وأطلق الحادي رقة غنائه ، بنسيم
البادية فرحا باللقاء ، وشع القمر نورا في
عيونها فرِحاً بنداء ،وبصحبة أهلها ورفقتها وقد سلوا
الغربةوالفراق ،وضمها وحبيبها عش دافئ في خيمة الأشواق
وترنم بها شعراً ناعماً كحبات الرمال، متأججا كنار الصحراء ،
عذباً كعيون الآبار واصفاً شحيح الفرقة وألم البعاد
ميسون
لَحَظْتُ دمعك يلمع في ضوء القمر
وتوشح بالذكى ينتظر لقى من إحتجب
صهرتني نارالعشق تصوفا
تلظى قلبي بنار الغيرة ولهاً
أمعاوية يستأثر بك
وحبيبك محروماً من دفئ حبك
وكنت قد يأست من جنة لقائك
وماذا وشوشتي للحنين
أتاجج أم أطفئته السنين
أغرتكي رماح الخلافة
وانستك غوطة دمشق عزف الريح
وهل شعرتي
بأن أوتاد خيمتنا
مالت وجداً
وبدرالسمراء بكى ألما
و أنين الناي تبتلاً
وإنتثرت الرمال أملاً بلقاء
وغبطت
الناسك في صومعته إكتفاء ، والراهب وقد أحاطته قدسية
الإعتكاف
وذرفتُ سيلاً من مقلتي لأنعش سراب الصحراء،لأراك فيه
فإذا هو سراب سراب، أنتي في نعيم الشام فهل ستذكرين قحال الخيام
وترد تناظر حبيبها
هذه الصحراء تسكن في خلايا دمي وأوتاد الخيمة قوتي وعزي ومنالي،
ورمالها تيمماً في التهجد والسحر وضوءاً في العصر والفلق
خذني بين حنايا ضلوعك
لإختبيئ من غدر القدر
أو لإذوب في أديم دمك
حتى ينسانا الزمن
وتهطل دمعة حرى
ترتجف من غدر المحن
ضمني إليك ، لأسلو الغربة ،وأنسى حيرة المتيمة
في القصر غريبة
، وحيدة ،يؤلمني الضجيج وليس لي إلا الخيال
، تترائى لي جمرة القهوة معبقة بأريج الجمال، وترن فناجينها في سمعي كأنه أعذب
الألحان ، والرمال أراها ناعمة مغرية ولكنها تتاجج في قلبي نبضاً ولا أراه محال،
يعزف لنا الناي وتشجينا الربابة واين منها السحر، يتماوج بين الخيام
حملت في قلبي عبئ حبك واراه صعباً فوق الإحتمال
أنت هواي وعشقي ،ورجعت لك بأشواقي، ومن أرجعني إليك ،
غير أنين غربتي ، في ترانيم شعري
وبساط الخيمة ،
أحلى من نسج كسرى وحرير دمشق، وحرقة الصحراء برداً وسلاماً يهفهف منعشاً وانين
لفح الرمال عزفاً أشجى من رقرقة النوافير ،لإنه معك وهنا كان الرجوع وكانت العودة
وأنشد
أتراها تحبني ميسـون..؟ أم
توهمت والنساء ظنون
يا ابنـة العمّ... والهوى أمويٌ كيف أخفي الهوى وكيف أبين
هل مرايا دمشق تعرف وجهي من جديد أغيّرتني السنيـنُ
يا ابنـة العمّ... والهوى أمويٌ كيف أخفي الهوى وكيف أبين
هل مرايا دمشق تعرف وجهي من جديد أغيّرتني السنيـنُ
يا زماناً في الصالحية سـمحاً
أين مني الغِوى وأين الفتونُ؟
يا سريري.. ويا شراشف أمي يا عصافير.. يا شذا، يا غصون
يا زواريب حارتي.. خبئني بين جفنيك فالزمان ضنين
واعذريني إذا بدوت حزيناً إن وجه المحب وجه حزين
ها هي الشام بعد فرقة دهر أنهر سبعـة ..وحـور عين
آه يا شام.. كيف أشرح ما بي وأنا فيـكِ دائمـاً مسكونُ
يا دمشق التي تفشى شذاها تحت جلدي كأنه الزيزفونُ
قادم من مدائن الريح وحـدي فاحتضني ،كالطفل، يا قاسيونُ
أهي مجنونة بشوقي إليها... هذه الشام، أم أنا المجنون؟
إن تخلت كل المقادير عني فبعيـني حبيبتي أستعيـنُ
جاء تشرين يا حبيبة عمري أحسن الوقت للهوى تشرين
ولنا موعد على جبل الشيخ كم الثلج دافئ.. وحنـونُ
سنوات سبع من الحزن مرت مات فيها الصفصاف والزيتون
شام.. يا شام.. يا أميرة حبي كيف ينسى غرامـه المجنون؟
شمسُ غرناطةٍ أطلت علينا بعد يأس وزغردت ميسلون
جاء تشرين.. إن وجهك أحلى بكثير... ما سـره تشـرينُ ؟
إن أرض الجولان تشبه عينيك فماءٌ يجري.. ولـوز.. وتيـنُ
مزقي يا دمشق خارطة الذل وقولي للـدهر كُن فيـكون
استردت أيامها بكِ بدرٌ واستعادت شبابها حطينُ
كتب الله أن تكوني دمشقاً بكِ يبدا وينتهي التكويـنُ
يا سريري.. ويا شراشف أمي يا عصافير.. يا شذا، يا غصون
يا زواريب حارتي.. خبئني بين جفنيك فالزمان ضنين
واعذريني إذا بدوت حزيناً إن وجه المحب وجه حزين
ها هي الشام بعد فرقة دهر أنهر سبعـة ..وحـور عين
آه يا شام.. كيف أشرح ما بي وأنا فيـكِ دائمـاً مسكونُ
يا دمشق التي تفشى شذاها تحت جلدي كأنه الزيزفونُ
قادم من مدائن الريح وحـدي فاحتضني ،كالطفل، يا قاسيونُ
أهي مجنونة بشوقي إليها... هذه الشام، أم أنا المجنون؟
إن تخلت كل المقادير عني فبعيـني حبيبتي أستعيـنُ
جاء تشرين يا حبيبة عمري أحسن الوقت للهوى تشرين
ولنا موعد على جبل الشيخ كم الثلج دافئ.. وحنـونُ
سنوات سبع من الحزن مرت مات فيها الصفصاف والزيتون
شام.. يا شام.. يا أميرة حبي كيف ينسى غرامـه المجنون؟
شمسُ غرناطةٍ أطلت علينا بعد يأس وزغردت ميسلون
جاء تشرين.. إن وجهك أحلى بكثير... ما سـره تشـرينُ ؟
إن أرض الجولان تشبه عينيك فماءٌ يجري.. ولـوز.. وتيـنُ
مزقي يا دمشق خارطة الذل وقولي للـدهر كُن فيـكون
استردت أيامها بكِ بدرٌ واستعادت شبابها حطينُ
كتب الله أن تكوني دمشقاً بكِ يبدا وينتهي التكويـنُ
هزم الروم بعد سبع عجاف وتعافى وجداننا المـطعـونُ
اسحبي الذيلَ يا قنيطرةَ المجدِ وكحِّل جفنيك يـا حرمونُ
علمينا فقه العروبـة يا شام فأنتِ البيـان والتبيـيـنُ
وطني، يا قصيدة النارِ والورد تغنـت بما صنعتَ القـرونُ
اسحبي الذيلَ يا قنيطرةَ المجدِ وكحِّل جفنيك يـا حرمونُ
علمينا فقه العروبـة يا شام فأنتِ البيـان والتبيـيـنُ
وطني، يا قصيدة النارِ والورد تغنـت بما صنعتَ القـرونُ
إركبي
الشمس يا دمشق حصاناً ولك الله ... حـافظ و أميـنُ
وكانت حاملا بإبنها يزيد فربته في ديار أهلها لمدة سنتين
وأرسلته بعد ذلك الى أبيه في دمشق *
*معنى إسم ميسون (جميلة الوجه والقوام ) كما ورد في لسان
العرب وكثير من التفسيرات منها تفسير الدكتور مصطفى جواد