السبت، 14 يوليو 2012

الملك الشهيد لميسون عوني


1.        


 الملك الشهيد
لميسون  عوني
حملت الملكة طفلها الوليد ، محتضنة الثمرة الأولى لزواجها من الملك ،وكانت الفرحة الغامرة بمقدم ولي العهد ،الأمير فيصل   ،فرحة
 غمرت الأهل والبلاد ، وبعد
 أربع سنوات من مولده  ،وقف القدر ليكتب كلمته بألم ، و حكمه بحزن ، ومصيره بلوعة ،  منهياً حياة الملك غازي الأول ، يوم أن قتل
 بسيارته
  بحادث مروع هز أركان العراق *** ،وكأن هذا المصير كان بداية لحزن في القلب وجرح في الروح ، وضمت الملكة   ،إبنها
 اليتيم ، إبن الرابعة تكلئه بعين الرعاية وتسبغ عليه عيون العطف
 بوصاية أخيها ،الأمير عبد الأله ، ومرت الأيام خاطفة ، لتكتمل  دائرة اليتم والحرمان ، وتلفت الصبي إبن الخامسة عشر ، وحيدا حزينا  وهو يودع أمه
 الملكة ++ ، بعد أن صارعت المرض لفترة طويلة ، ولم يجد أمامه من عائلته غير خاله الأمير عبد الأله ، وتأصل الحزن بالقلب الغض والروح
الصبية ،وعاش الحرمان ، ورافق الوحدة  ،وسهر مع العزلة ،وإلتفت خيوط  المرض بحياة الأمير الشاب ، لتنسج بلوعة قصة حياته
ولتصنع مأساة  قدره ، وليرتبط إرتباطا لافكاك منه بقريبه الوحيد ، الوصي على العرش ، الأمير عبد الإله ، ودارت عجلة الزمن
 سريعا ، ليتوج على عرش العراق،  محاطا بحب العراقيين وعطفهم ، مصونا غير مسؤؤل ، ملكا بغير سلطة ، وإستمر الوصي
 ورئيس الوزراء يحكمون ، والإنجليز من وراء الستار يقررون ،  وإشتهرالملك الشاب ، بدماثة الخلق والحياء ،  بغلالة  من
الحزن والشجن ، بنظرة حائرة نحو المجهول ،يرى الحب من شعبه ، والقلق في قلبه ، يرى الجموع تهتف له  ، وقلبه مترع  حزنا
وحنينا الى حضن الأمل وطمأنينة الآمان ،وبلمح البصر، وخطف القدر  ، جاء يوم الفجر الدامي ، يوم الشؤم والخراب، يوم الثورة ،يوم
14 تموز 1958 ، فهجمت الجموع على قصر
 الرحاب وأحاطته من كل جانب ، وخرج وأفراد عائلته رافعين راية التسليم والقرآن بيد جدته تعتصم به ،  بآيات التنزيل الحكيم ،لتُهدْأ
من عذاب قلوبهم البريئة ،وثارت أول طلقة أصابت القلب الطاهر، ثم بوابل من الرصاص ، سقط الملك شهيدا ، وقتل  وعائلته ،بدون ذنب ولا جريرة ، وبدون رحمة ،  وسال الدم
البرئ متدفقا ،وأشتعلت  شرارة الظلم  سعيرا ، لتحرق العراق من أقصاه الى أقصاه و لتصبغ الأرض  بالدم  ،الذي غطى الشاطئ والنهر والوادي والسهل  ، فجف دجلة حزنا لعل غرينه أن يكون بلسما ،وبكى الفرات ألما ، عسى دمعه  دواءا  ،ورنت الروافد شوقا الى منبعها أملا بأن تكون فداءا ، ولينحني كبرياء الوطن ، على إمتداد الزمن
 ليطعن القتل كل بيت  في العراق ،  وأجيج الإنتقام  من عهد الى عهد، سفكا وإجراما ، لتُفدى الأرواح البريئة بجريمة القتلة ، وليجلل بالسواد أيامهم  وليحرموا
 .        

 من الحياة ، من خضرة الربيع ، وطل الأزهار، وغرس المطر ،وشواطئ الصيف ، شيبا وشبانا ،نساءا وأطفالا،  ولا زال شلال الدم يجري مع مجرى الأنهار  ،يسقي جنائن العراق  ،نخيلها ، أرضها وسمائها  ،خَصبها بوارا ، وعلقماً حتى تمورها ، ومجةً مرةً أسماكها  ورماداً شواء مسكوفها)، جارفاً
معه الخير والأمان   ، مسمما تربة أرض السواد ،مقتلعا فسائلها  حارقا أشجارها  ،ومبددا لثمراتها ،
 بخنجرمسموم إغتال روح الوطن ، وأطفأ جذوة تألقه ،وكسر روحه ،وأحنى شموخ شبابه ، وشتت أبنائه مرتحلين عن وطنهم ،مودعين أرضهم ، هاجرين بيوتهم ببحر
عميق ومخيف من النجيع والهجير،أمتزجت مع دماء قريبه الشهيد ، حفيد النبوة ، التي أنتهكت حياته، بزمن الغدر والخذلان في
 كربلاءبعد أن بيع دمه بالعطايا والسيف ، وسبيت رياحين بني هاشم أسرى ،في مرارة الزمان ،  ورفرفت الأرواح البريئةالى خالقها
 تشكوالعذاب و الظلم ،بكأس شرب منها العراق حتى
 الثمالة ، دافعين الثمن ، مسددين الحساب ،حسابا عسيرا أليما ، ماضيا وحاضرا ،آملين أن لايكون مستقبلا ، برحمة من رب
العباد أن يحنوا على الأبرياء ، والشهداء الذين إفتدوا القتل بدمائهم ، ودفعوا ثمنا لذنب لم يقترفوه ، وجرائم لم يرتكبوها ،ولم يشهدواحتى أيامها ، داعين أن يبرد
الدم المتفجر والنفس المتمردة ، والعقل الغاضب ، والضمير الملتبس ،وإنا لله وإنا إليه راجعون
     ##ولد الملك فيصل الثاني في 2 مايس 1935 إبن الملك غازي إبن الملك فيصل الأول وأمه هي الملكة عالية بنت علي ، توج ملكا على العراق في عام 1953 ، بعدأن كان خاله الوصي عبد الأله وصيا على العرش، بعد وفاة الملك غازي في عام 1939، درس الملك فيصل في المدرسة المأمونية في باب المعظم ، ثم في كلية فكتوريا في الإسكندرية ،ثم أكمل دراسته في بريطانيا .وقتل في العراق في 14- تموز عام 1958 وأنتهت بذلك فترة الحكم الملكي في العراق التي إستمرت لمدة 37 عاما من الملك فيصل الأول من 1921  الى   1933 ثم الملك غازي من 1933 الى1939 بفترة وصاية على العرش للأمير عبد الأله من 1939 الى 1953 وأخيرا الملك فيصل الثاني من 1953 الى 1958 وعرف عنهم دماثة الخلق ، والشرف ، والبعد عن البذخ والبهرجة
++ توفيت  الملكة عالية في عام 1950 ،  بعد مرض عضال قد أصابها ، وأشاعت وفاتها حزنا وألما ، وهي بنت عم الملك غازي، بنت الملك علي إخ الشريف الحسين ، والملك غازي من مواليد 1912 وتوفي في 1939 وتزوج من الملكة عالية في عام 1934
## كان الملك فيصل الثاني مقبلا على الزواج وبالتحديد سيسافر الى خطيبته في 14-تموز 1958 لإتمام الزواج ، ولكن يد الجريمة قد سبقته قبل يوم عرسه، ويقال بأن أول رصاصة أطلقت في ذلك اليوم ،وسببت المذبحة ،كانت بطريق الخطأ .
## أولاد الملك فيصل الأول من زوجته حزيمة بنت الشريف ناصر هم :- عزة ، راجحة ،رئيفة ،     ثم الملك غازي الأول
*** أشارت كثيرمن المصادر بأن الملك غازي مات مقتولا وإن حادث السيارة كان مدبرا ، للتخلص منه لمناهضته للهيمنة البريطانية
*** كما وتم تداول الأحاديث الكثيرة  بلغط شديد عن الأمير عبد الأله ، والله وحده العليم بالحقيقة وشاهد عليها، والعراق بأمس الحاجة الى لجنة  وطنية محايدة  تضع الأمور بنصابها لتنقية الضمير العراقي  ، واضعين الأسس لمصالحة وطنية ،تعيد للعراق أمنه ومستقبله   بعقد إجتماعي يعيد للوطن كيانه وكرامته

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق