الجمعة، 16 مارس 2012

محمود درويش




محمود درويش   لميسون عوني  في 1-2-2012

غمر الإحساس المرهف  روح البنوة  ، ونبضت قريحة الشاعر فياضة ،وهو يرى السجان الإسرائيلي ،يدلق إبريق القهوة  ، الذي أحضرته
الأم الملهوفة
 معها ،لكي يستدفئ ، بنكهتها ، ويتنفس عبقها ،ولكن المجرم  الذي  سرق الأرض وإستباح الوطن ، لم يسستطع أن يرى هذا الصمود
الأمومي الساطع ، وأن يشعر ،بخفقة قلبها ، حاملة الطعام وإبريق القهوة الى إبنها الموهوب السجين ،ففاض الحقد الأسود في دمه الأسود
فدلق  القهوة على الأرض، لإن  هذا الجبان يعرف بإن هذا  الإناء يمثل ،لمحة من  حياة ، وذكرى بلاد ،وإن هذه الأم التي أقبلت
تحمله لإبنها لتسقيه مهجة الوطن ، وتيممه بقطرات ترابه ،وتغسله بدمع حنينه ، بطقس روحاني ،لايستطيع  أن يفهمه ويصل الى
 إلهامه، وماذا يعرف الصهيوني عن رمز القهوة، وبماذا يشير فوح الخبز
وإي لؤلؤ شفيف هطل من عصارة السماء ،لينبت الخير، الذي أعمى عيون الإحتلال ، شرها وطمعا ،فأخذوا الوطن عنوة و حسدا
لهذه الأم التي أنجبت
الشاعر الموهوب ،الفتى الذي أيقضوه في يوم الكارثة ، ووعينا على هذه الدنيا يسمونه يوم النكبة ، أيقضوا الفتى ،ليغادروا أرضهم وفي
 أثرهم،رصاص الحقد والإنتقام ،الى أن وصلوا الى لبنان التي سمع بإسمها لأول مرة
  ليبث ترانيم وطنه عطرا في الآفاق ، وليسمم أسماع العدو، بشعر ، أجج نيران قلوبهم اللئيمة ونفوسهم الخسيسة
وأرى المشهد نابضا
السجان الإسرائيلي
ماذا تحملين؟
قهوة وفواكه وخبز
لمن؟
لأبني السجين البرئ
برئ وكيف ذلك ؟
أنت تعرف أكثر من غيرك كيف ذلك
ممنوع
2
أيها الأحمق ، تأخذون أرضنا وتسكنون بيوتنا ، تشربون عصير الزيتون ،وتتمايل أشجار اللوز تحيي القلب وتنعش النفوس ، وتزخ
أمطارالنقاء ،ليعم الرخاء
كل
 هذا أصبح لكم ، وتقول لي ممنوع
 سرقتوا الأرض وتردد ببلاهة  ، ممنوع
نحن لم نسرق أرضكم إنها أرضنا وبلادنا
إصمت يا جبان ، فإذا كانت أرضكم ، قل من أي الأصقاع  جئت ، وأي بلاد  لفظتك
لم تلفضني ، أنا إخترت المجئ
ولماذا لم تبقى ؟
رجعت الى أرض الميعاد
الميعاد بعون الله يوم أن تحفروا قبوركم بإيديكم ، وأن تفروا على غير هدى ، وبدون ملجأ يأويكم
انت تحلمين
الحلم الشريف ، أكبر وأعظم ،من دناءة  واقعكم ،و حلم الوطن  الحر ،سيبقى خنجرامغروسا في صدوركم  ،ليقض مضاجعكم ،وسندفع
ضريبة  الدم  سفكا ، لنلوذ بعشنا  مهدا،وننهل من غديرنا أمنا، وها أمامك أيها المغرور ، سرب الشباب الغض ، يخفق لينال العلا  ، ويحلق
 عاليا ليوم المنى
أنتِ لاقلب لك ، تشجعين إبنك ،على العصيان بدل أن تنصحيه
لا سأنصحه توا عندما أراه ، سأقول له سأتبرا منك إذا صمت شعرك ، وهادنت عدوك ، وسلوت يوما أن تكلل بالعزة هامة وطنك
الى الآن  لم  تقولي لي من هو إبنك ؟
أرى الغباء واضحا فيك ، كل هذا ولم تعرف من هو إبني؟
وهتفت من شغاف قلبها ، وأعماق عذابها، إبني هو
  محمود درويش
وهنا تقدم الجندي مهتاجا وأخذ إبريق القهوة من يدها ،تلبسه الجنون ، وتهته بالعته ،محمود درويش ، تقولين محمود درويش
نعم أقولها بكل الفخر ، من قلب الأم التي أخذ إبنها حشاشة قلبها معه ، لتحدب عليه في سجنه  ،وتربت على آلامه ، وتداوي جروحه
تواعده ليوم الفرح ، ليوم اللقى  ، حاضرة معه حتى لاينسى
ونظرت الى القهوة التي سفحها اللئيم على الأرض وطفرت دموعها النقية  ،لؤلؤا كأمطارالربيع ، تسقي  الجريح ،وتطفئ ظمأ المحروم
أراك تبكين ؟
هل تعرف بأن قطرات القهوة ، التي إنتثرت ستسقي شقوق الأرض ، وتحنو على جفافها ، هي ،أثمن ،منك ومن دولتك
ونكهتها لاأبدلها بكنوز الدنيا
وسيمزج محمود عطرها مع ثنايا شعره
لتدفئ  قلبه، ولتسري في ذرات ترابه
ساخرا منها
هذه حمى الخيال
فتطلق في وجهه وجيعة بلادها

أنت سليل المرابي ، لاتعرف غير رنين النقود ، ومضاربات السوق
عشت وأجدادك في عزلة الحارات ،وكآبة الصفقات ،ولؤم المؤامرات
منبوذا في كل مكان ، لايُعرف لك  بيتا  ولا موطنا
تعيش وتموت مع أضغاث حائط المبكى
ونحن سنموت حتى ، تدق أجراس القيامة ،و نذرا لصخرة المعراج ، وفداءا لروح الإسراء
 و بلادنا  نثرا من رحيق السماء ،وعصارة الأديان
فمن اين لك ، أن تفهم
 وكيف ؟يا مرابي الأزقة  ، تشعر بريح سنابل القمح ، وشمس الزيتون ، ورواء عصير البرتقال
أنت تأكله وتشربه ، ونحن نستنشق ريحقه،ونذوب عشقا، لهفهفة نسيمه
وإذا أردت أن تفهم فإرجع ، الى الكتب والمجلدات ، تدلك الى ماضيك في الضلمات
إي كتب وإية مجلدات
دعني أترك الكتب السماوية التي لعنتكم ، وفضحت  لؤمكم
ونستشهد بعبقرية نادرة من البلاد ، التي صنعت  دولتكم
شكسبير ، ألم تسمع بشكسبير ، سيخبرك عن جدك شايلوك ،وغدره بتاجر البندقية
إنه شبيه سفالتكم ، ويمثل جشعكم  ،  فأنتم لاتشبعون
مغتاضا
انت الشاعرة أم إبنك
محمود   كزهر اللوز** مضمخا عطره في أبيات قصيده ، يحمل تيجانه، ليواسي عذاب الأهل ولوعة الوطن ، متشربا في حنايا قلبه
وسجنكم لأبداعه  تألقا ، ويضيف الى شعره رياحينا
فسجل إنه عربي**
و قد كان ،
4
تدفقت قريحة الشاعر الفذ عندما رأى أمه حزينة ، وصُفت حروف القلب شلالا ، ليواسي جرح الألم ،وعزف محمود درويش الحانا شجية
ونقش
  في الضمير  وشما  لايمحى ، رددها العالم العربي كله وترجمت الى كثير من لغات العالم
أحن الى خبز أمي ... وقهوة أمي ولمسة أمي ... وتكبر في الطفولة ... يوما على صدر أمي ... وأعشق عمري إذا مت .. أخجل من دمع
أمي
خذيني إذا عدت يوما  وشاحا لهدبك   ..... وغطي عضامي بعشب تعمد من طهر كعبك .. وشدي وثاقي بخصلة شعر ... بخيط يلوح في
ذيل ثوبك .. إذا ما لمست قرارة قلبك ...ضعيني إذا ما رجعت وقودا لتنور نارك ، وحبل غسيل على سطح دارك ، لإنني فقدت الوقوف
بدون صلاة نهارك ...هرمت فردي نجوم الطفولة ، حتى أشارك صغار العصافير ، درب الرجوع لعش إنتضارك(محمود درويش)
لو  إجتمع شعراء الصهاينة ،ومن لف لفهم ، ودقت آلة إعلامهم ، وعلى طنين أفكهم ، لا يستطيعوا أن يكتبوا حرفا واحدا من فيض إبداعك
 وحلاوة
إنتماءك ، وروح البنو ة متغلغلة في أعماقك
وهل يوجد بعد ذلك كلام يضاف ،وشعر يقال ، بعد أن ماتت العصافير في الجليل** ،ودخلنا في دائرة النسيان ، جالسين على سرير
الغريبة، نحدق في مرآتها
ننعى غربتنا ، ونَحِنُ الى بلادنا ، بعد أن  أطفئنا هالة الوطن ،ونزعنا عزته، ونتلفت الآن حيارى نتطلع من بعيد الى أرضه


*ولد محمود درويش في قرية البروة عام 1941 وتوفي في 9أغسطس 2008 بعد إجراء عملية جراحية في تكساس بالولايات

المتحدة
قصائد محمود درويش **

زهراللوز
العصافير تموت في الجليل
سجل أنا عربي
ذاكرة النسيان
سرير الغريبة







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق