1
فارس الثورة وفارس الفن
في 15-11-2011 لميسون عوني
في جنح الليل ، وبهدأت الكرى ، وبسر الكتمان ، والكون من حولهم سكون ،وقد سكن حب الوطن في قلوبهم الشابة ،وتغلغل في
دمائهم المتأججة ،فلم يشعروا بالخطر الذي يتهددهم، توجه إثنان من شباب الجيش
بالملابس المدنية
حاملين المؤن والذخيرة
الى الجنرال عزيز المصري أبو الثوار، وهو في طريقه الى العراق، لمساندة ثورة رشيد
عالي الكيلاني التي قامت في العراق في مايس 1941
أستقل الثائر الإسطورة
الجنرال عزيز المصري ، الطائرة بعد أن تم تهيئتها للسفر وطارت متوجهة الى العراق ،ورجع
الضابطان بعد إداء مهمتهما بنجاح ولكن شاءت الأقدار أن يتعطل محرك الطائرة وهبطت
في مزرعة بقليوب ولم تتم الرحلة الى العراق ثم تم إعتقال عزيز المصري وإيداعه السجن وإتهامه
الإتصال بالألمان الى أن افرجت عنه حكومة
النحاس باشا
وحكم على المحاولة
بالفشل ، ولكن المسعى والهدف للضابطين لم يتوقف ، فأنضم أحدهما ، الى تنظيم الضباط الأحراروبقي
الى آخر يوم من أيام
حياته وفيا لرفاقه ، مخلصا ، نقي السيرة ، عفيف القلب والضمير ، إنه
الفارس النبيل في سلاح الفرسان ،دفعة عبد الناصر والسادات أبن ثورة يوليو ،البكباشي
أحمد مظهر الذي أصبح فيما بعد الفنان أحمد مظهر
الذي خلع
زيه العسكري، ليدخل في غمار الفن ، ولكنه لم يترجل عن فرسه ،ممتشقا سيفه ،متسلحا
بمبادئه خاض أدواره بكل وجوههاوشخوصها
وأحداثها بعجرفة الأمير في رد قلبي الذي يعتبر أول أفلامه ،والذي بكى عبد
الناصر وهو يشاهده ،وغمر الشاشة عنفوانا في صلاح الدين ،وفاض بروح الكروان
في رائعة طه حسين ، دعاء الكروان محاولا في قمة البساطة والأبداع أن يقنع حبيبته بأن تبقى
معه كما كلمات العميد (فلنضم أحزاننا ، سوية حتى نستطيع مواجهة عذابنا)
2
مرتديا قفاز الأرستقراطية والإمارة ليقطف
الزهرة في الأيدي الناعمة، وقدمها بإستحياء الى حبيبته،وكان فيه أميراً حقيقياً
عاطلاً عن العمل ،جردته الثورة من ابعدياته ومناصبه وغروره ،وقام بدور النصاب
بإقتدار في فيلم العتبة الخضراء حتى خيل للمشاهد إن الفارس قدأصبح نصاباً
لم ينسى شرفه العسكري
شامخا
بتواضع ، بسيطا في كبرياء ، وليخوض
معترك الشاشة
لينيرها ، وليشع سمو أخلاقه ، بعيدا عن معاركها ، نائيا بنفسه عن لغطها ، محتفظا
بمسافة صانت هيبته وكرامته وبقيت
سيرته عطرة ووفاؤه نادرا
،لعبد الناصر زميل سلاحه ، وصديق دُفعته ،وشريك مبادئه ، قاوم كل محاولات الطعن به
بأدوار أحس فيها
غرضا يراد بها المساس
بسيرة عطرة ، وتاريخ مشرف ، فرفضها بكل
إباء ، محافظا على كلمة الشرف التي أقسموا عليها
وصونا للمبادئ التي آمنوا بها ،رفض دور مسؤول
المخابرات في فيلم الكرنك لإنه بحسه الوطني النقي عرف بإن هذا الفيلم من صناعة
خدم كامب ديفيد ،وإن الغرض منه واضحاً جلياً ،وبكى بدموع الوفاء والحب وهو
يروي سيرته وذكرياته مع الثورة في عز هجمة
الحقد عليها ، ومحاولة
تشويه صورتها ، مدركا كل الإدراك من هم الذين ورائها ، ومن الذي خطط لها بحس شفاف
،لم يخدعه بريق الوعود
ولم تنطلي عليه أكاذيب مدعي الفن ، ومهنسي السيناريو ، ومفبركي الأحداث ، الذين جرحوا قلب
الوطن بصلح ،رخيص
مقاوماً التطبيع ، بكل سمو البساطة التي إشتهر
بها ، لم تَخدش نصاعة بياضه ، ونقاء جوهره ، فنيا ووطنيا
في زمن هجمة شرسة على كل معاني الكرامة ،ومنعت فيه حتى مجرد كلمة تثير غضب ،
العدووسط مسرح يموج
بالأحداث والقصص والروايات ، وبقي الى آخر العمر محترما ، شامخا ،بسيطا ودع الحياة بكل عزة وشرف إنه أحمد مظهر فارس
الفن بعد أن كان فارس الجيش والثورة
3
** كان الجنرال عزيز
المصري يريد أن يتوجه الى العراق لمساندة ثورة رشيد عالي الكيلاني في 16 مايو 1941،وتعطل
المحرك وهبطت الطائرة في مزرعة بقليوب ، ثم
تم إعتقاله إلى أن أفرجت عنه حكومة النحاس باشا ، ثم أعيد إعتقاله وإتهامه
بالإتصال بالألمان ،
وقام بدور مهم في تنظيم
كتائب المتطوعين في حرب فلسطين ،1948
إتصل به الضباط الأحرار
ليكون واجهتهم في الثورة ، ولكنه رفض ذلك
وإكتفى بتوجيه النصح لهم وسمي بالأب الروحي للثوار،
بعد ثورة يوليو عين سفيرا لمصر في الإتحاد السوفياتي ،ليشرف
على تسليح الجيش المصري
*** ولد أحمد مظهر في
عام 1917 وتوفي في ، 2002
إنضم الى حركة الضباط
الأحرار ولكنه لم يشترك بالثورة ،لوجوده
في هلسنكي ممثلا مصر بدورة للفروسية هناك
ومن المصادفات إن مخرج
فيلم رد قلبي هو عز الدين ذو الفقار وكان أيضا ضابطا في الجيش وترك الجيش الى
السينما
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق