الثلاثاء، 19 فبراير 2013

عمر مع السلامة يا أمي





عمر بائع البطاطة ، عمر أمي مع السلامة لميسون عوني في 17-2-2013


عمر – أمي مع السلامة
أم عمر – خذ بالك يا بني
وتوجه أبن العاشرة  ، بملابس قديمة وعربة مثقلة ،اثقل من نضارة صباه ،وقد تعكرت أحلام مناه ،وهي بعيدة ويعتبرها من المحال، و مظاهر الفقر ،هي الواضحة ،قريبة  ،بادية على الوجه الأسمر، المشرب بنكهة القمحة  ولمعة الذكاء يشوبها حزن مستتر والإيمان بالنصيب يحرك العزم المنكسر، أثقلت المسؤلية المبكرةالقلب الفتي
سار الغصن العفي ، البرعم النادي، بعربته ليبيع البطاطة ،لإعاشة أسرته ، وقف في الميدان ينظر الى الناس وهم في صخب وصراخ ترى ماذا يريدون ، ولماذا أساساً يختلفون ، اطل على الجموع ، ينتظر من يشتري حلاوة ثمرته ، ليرجع الى عائلته الكادحة
تقدم منه مسؤولاٌ عن جمعية خيرية
هل تعرف القراءة والكتابة ؟
كلا
هل تريد أن تدخل المدرسة وتتعلم ؟
نعم
ماذا تبيع؟
كما ترى بطاطا ، أعيل أسرتي
سنسجلك في المدرسة
رد عمر بإبتسامة يائسة إن شاء الله




2

ولم يكمل كلامه إلا ورصاصة طائشةولكنها غادرة، رمته قتيلاً  ،رصاصة إستهانت بالكرامة الإنسانية والطفولة المسؤولة ، فأنتثرت دماء البراءة لتصبغ الغصن الأخصرالنادي ، لتقتلع النبتة الفتية من جذورها العفية ، لترتمي الأحلام في كوابيس الفساد ، لينتفض الجسد البرئ يشكو لربه في السماء، ولترتوي الأرض من براءة الدماء ، ثم يتوسد الجسد مستريحاً من العذاب
عمر
صدقني عربتك هي عنوان الكرامة كعربة بوعزيزي الذي خلدت عربة الخضار إسمه في صفحات التضحية
وفي سجل الخالدين فالحياة رخيصة أمام غضبة الكرامة
كلنا سنموت ولكنكم سطرتم خلودكم كأفذاذ التاريخ العظام في صفحات الحياة
عمر
أنت تمثل كل أطفال الوطن العربي ،بحرمانهم بعذابهم بجروح طفولتهم إعذرني ولكنك أوفر حظاً منهم ،فهم يموتون ويدفنون تحت الركام مجهولون لا يعرفهم أحد ولا يتذكرهم أحد و فقط أصبحوا أرقاماً
 ترى من المسؤول الذي حرم عمر من مدرسته،ولم يأخذ فرصته في حياته؟ من الذي؟ اشاع الفساد والسرقة وسرق حق التعليم والحياة الكريمة من عمر وأمثاله ؟ من الذي جرف الوطن من خيره وآماله وتركها بيد الحرامية والمرتزقة ، يعبثون بها ويحولوا خيرها الى بنوك العالم ،
هذه الأسئلة من سيجيب عليها ومن يواسي الأم الثكلى والإخوة الذي فقدوا عائلهم فليتحرك من بيده الأمر ليداوي الجرح الغائر والقلب المكلوم فإنهم أمام رب رحيم يرى ماذا سيعملون

الجمعة، 8 فبراير 2013

المحبرة




القلم والمحبرة لميسون عوني في28-1-2013

في عروقي يمتزج مداد المحبرة

القلم الجاف جاهز ، تستطيع مباشرةً الكتابة فيه ، مملوء حبراً، ولكنه جافاً، بدون روح ،يتعب اليد ،ويجرح
الأصابع ولا يزين الورقة وقلم الحبر اوكما نسميه في العراق الباندان   تجهزه بلهفةً ، تملئه بفرحة ،من أجمل قارورة
 صنعها الإنسان فهي المحبرة ،يترجرج المداد،يسيل فيها كماء الحياة، يتدفق في عروق الإنسان ويزهوبأجمل الألوان
 فأسود حبره عميقاً كزرقته  وأخضر عوده شفافاً ، ويشع أحمره ،ليأخذ الأبصار
 وهنا اللغزالمحير كيف يفوح عبق المداد ليملأ اليراع ، وفي جو الغرفةينشر بشراً ليصوغ الأفكار ، ونستعد للكتابة
لتُملأ نصاعة الورقة نمنمة،كإنه نقش الوله على قلب العاشق نغمة ،وينتشر الحبر، من سن القلم ،حرف يصوغ كلمة، وسطور تخط قصص الحب وخلدت في سجل العاشقين درةً  
وأحداث الحياة بكل وجوهها وهلةً،ويجري ساعي البريد حاملاً ،مخطوط أجمل الأواصر وأعمق الروابط محبة
ويجلس الكاتب بطقوس واضعاً أدواته أمامه ، ينظر إليها عازماً أن يحيلها الى شخوص وأحداث ، وتتصدر المحبرة والقلم إبداع ،وتتربع على عرش الأوراق ليهبها الحياة
ترنوالمحبرة تسألني
فهمست لها ، أناجيها



2


أنظر إليك بلهفةٍ ، بشغف ، بحنين
لتصبي عبقك فوق سطور أوراقي
أود أن أغمر يراعي في مدادك، لإنمنم حروفاً أطرز فيها جبين بلادي
وأزين بك أجنحة (نعيج المي ) لتخطفني لإرسو على شاطئ ملاذي
ويغمرني موج الشاطئ حنية ، واشعر بدفئ رمالك وسادة لآمالي
وأمد بصري لإحتضن قارب الأحلام يتهادى فوق الأديم وثمرةشباكه خيرا لما مضى وآت
وتسلل نغم العراقة يأخذ القلب وقد تنفس من تربة تضج حزناً وتشدوفرحاً لتسري هينة فوق الروابي
ولكن مدادك لا يكفيني لا يشبع عشقي لضفاف الشاطئ ولا يداوي جروحي
كنتي ذخيرة لإجدادي فلماذا تخليتي عنا وشح فيضك فوق صفحة أوراقي
إسكبي عطرك ليدون قلمي باقة أحلامي
وأحتضنك شوقا يضم كل أشواقي
ولكن تبقين الملاذ عسى أن تُخفف الألام وتفسر أحزاني، و أن يغيث  مداد القلوب
وإختلاجة من عذاب الروح  ، فألتقت كل هذه المعاني في باقة حب كتبها القلم وإحتضنها الحبربجمال عز وصفه
وأجمل من كل هذا وذاك عندما نستلم بطاقة الأفراح وقد تصدرها القلب ودونتها لهفة الأزهار وقد وضع فيها مكان و تاريخ اللقاء