الجمعة، 3 فبراير 2012

النبي (ص) لميسون عوني



النبي محمد(ص) في 10-1-2011 بقلم ميسون عوني

وقف الفتى متطلعا وقد حان وقت البزوغ  وقد إمتزجت سلاسل الفضة مع  ذرات الذهب ، بإطار من القطيفة الزرقاء، مرصعة بنجوم قد خف بريقها،،  وقف الفتى مأخوذا وهو يرقب البزوغ  وقد تدرج الى السطوع ثم الى النشور و غطى الرمال والأعشاب والكون كله ، وقف الفتى النبيل مفكرا ترى؟؟ من وراء كل هذا  الخلق ؟؟ وكل هذالأعجاز ؟؟هل من الممكن إن جمادا لا حول له ولاقوة ،هذا الجماد الذي يسجد له أهله وعشيرته
يكون قادرا  على كل هذا؟
 مكث الشاب الأمين مفكرا والقافلة تتهادى وتسرع في سيرها ، وقد إمتدت الرمال حتى سدت الأفق ,وانطلق  النغم الساحر ليؤنس وحشة مسافري  الطريق، والقمرساهرا ليلهم  يبدد ظلمة الوحشة وعثرات الدروب ، والشاب الأمين مستغرق الفكر قلق الوجدان ، ترى هل كان يدور في خلده , إنه في يوم ،سوف يأتي،   ستخلد رحلته  في تنزيله الحكيم  (لإيلاف قريش إلافهم   رحلة الشتاء والصيف ) (1) هل كان الصادق الآمين وهو يتدبر أمره بشأن تجارته التي عهدتها اليه السيدة الكبيرة؟؟ بأن البشرى الفواحة ستكون من نصيبه .وأن السيدة الكبيرة ستكون ايضا من نصيبه .بأول إقتران  فريد في سجل الأنسانية ،وثقته الآرض وباركته السماء، وغيثا نزل قطرات و مدرارا ليسقي جدب الأرض والنفوس .  إنطلق الآمين مفكرا متدبرا  أمر أهله وعشيرته أيكون جمادهم الذي يقدمون له القرابين ؟؟ أيكون قادرا على كل هذا؟
أطال السهاد نوم الكرى ، وأرتجف  الخافق الحائر  ، وشفت الروح  ، وهو يرقب الأديم وقد تحولت القطيفة الزرقاء الى سواد مرصع بلؤلؤ السماء ،وغمر قمر الخالق كثبان الصحراء جبالها ورمالها،، ودلف  الى  ملاذ الغار،مفكرا،، متأملا ،، وقد ألح عليه السؤال، فهل آن الأوان لتنزاح الغمة ؟ ويأتي الحل السماوي الرحيم؟أيكون قادرا على كل هذا؟
إكتمل شباب الفتى النبيل ونضجت رجولة الصادق الأمين، ونزلت جائزة السماء بكل الهدى والنور، لتبارك النبي ا لرسول، وأنهمرت أول قطرة من الوحي السماوى ب(إقرأ)( 2) ثم الأمر السماوي ب  (يا أيها المدثر قم فأنذر) (3)  نعم يا سيدي قم فأنذر ،  أنذر أهلك وقومك  قم يا ايها النبي الكريم لتنقذهم من غيهم  وكفرهم   ،، وماذا سيتدبر من أمرهم ؟؟ ؟؟ بل قل عنادهم  وجبروتهم ، وهل سيشفع له ، بأنه الصادق الأمين.؟؟ وبأنه ( على خلق عظيم) أيكون قادرا على كل هذا؟؟ يا أيها النبي هل عرفت الآن بأن الأمر الالهي قد إصطفاك ، لناموس جديد للحياة  ، لنقاء الضمير،، وعدل الميزان،،وإحترام الأنسان ،، وكسر  أغلال العبودية .
إسترجع النبي الكريم  هاتف الماضي،،وذكريات الأيام ، إسترجع  حرمان اليتم، و ينبوع الأم  المدرار،،  إسترجع مذاق الحب في بادية بني سعد ، هفا قلبه الى ملاعب الطفولة  ،،وفيافي الصبا ،، وتملكه الحنين الى دفأ الجد الكريم وأشتاق الى عطف و حماية الأبوة التي لم يعرفها .
، وجاء إليه  التكريم  من الخالق العظيم  ،، بأروع ما عرفت العربية من سلاسة البيان ،،وعظمة المعاني،،(ألم يجدك يتيما فأوى ووجدك ضالا فهدى،، فأما اليتيم فلا تقهر،، وأما السائل فلا تنهر،،وأما بنعمة ربك فحدث ..).(4)  ثم إنهمرت رحمة السماء لتكون نعمة وهداية للبشرية كلها.(الرحمن ،علم القرآن ، خلق الأنسان ،علمه البيان).(5)(سورة الرحمن)
   وهدأت الشريكة الكريمة  من قلقه وحيرته ،، وأنتظم بعدها عقد القلادة ،، لتنطلق الدعوة المباركة وتنتشر ، وجاء النكران من أهله وعشيرته ويتشبث به ،،وبدعوته كل المحرومين والمعذبن والمقهورين ،،وآمن به  كل ذي ضمير حر ونفس أبية، وبلغ أوج المعاناةو وهوينظر الى بساتين الطائف لعل نسيمها يهدأ من لهيب عذابه  و ترابها يداوي جروحه,  وأهلها ، يشدون من أزره  وتوجه الى الوجه الكريم ، ( اللهم إني أشكو إليك قلة حيلتي وضعفي وهواني على الناس)(=) ،،هاجر النبي الكريم من موطنه لبث دعوته  الى  يثرب وكرمها اللة بأنها المدينة المنورة وإن أهلها هم الأنصا ر.بعهد إخاء مع أصحاب الهجرة.
وجاء يوم الرجوع العظيم الى مكة الى داره الأولى الى الحرم الشريف  ، مهبط الوحي وحضن الرسالة ، وتعانق الحجر الأسود مع طيور الغار ، ونبضت عروق القلب وأرتجفت دماء الهدى وهب عطر التربة فواحا وهو يخاطب أهله    الذين أنكروه و لجوا بكفرهم ،، وكان الدرس الذي ستخلده الأمة ، درس التسامح ، درس العفو عند المقدرة         (أذهبوا فأنتم الطلقاء)
(وإن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين)(6)سورة آل عمران آية 96
ودارت عجلة الزمن لتنتشر دعوة الفتى اليتيم،  في مشارق الأرض ومغاربها. وأدى النبي  الرسالة كاملة وودع  ألأهل  والأرض (اللهم هل بلغت اللهم  فأشهد )،، وكان وداع الخالق وتكريمه  لرسوله العظيم  بأروع ما يكون التكريم وأجل ما يكون الوداع  في سورة الوداع .(إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك وأستغفره إنه كان توابا) (7)وأجهشت الزهراء بالبكاء ،،وعطشت جذور اللقاء ،، وتفرع الألم أغصانا  ، ، وبكت البشرية بسخاء الدموع ، وهم يودعون النبي الرسول أمانة عند خالقه الكريم .                              



(1) - سورةقريِش آية 1 و 2
(2) -- سورة إقرأ او سورة العلق
(3) –  سورة المدثر آية1
(4)  - سورة الضحى  آية 6 الى 11
(5)- سورة الرحمن آية1 و2 و3
(6)-سورة آل عمران آية96
(7) –سورة النصر آية 1و2و3
(=)اللهم إني أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس ، انت أرحم الراحمين ورب المستضعفين ،وأنت ربي لا إله الا أنت .الى من تكلني ؟ الى قريب يتجهمني ، أم عدو ملكته أمري ؟ إن لم يكن بك غضب على فلا أبالي غير إن عافيتك هي أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الكريم الذي أضاءت له السماوات والأرض ، واشرقت له الضلمات وصلح عليه أمر الدنيا وألأخرة من أن ينزل علي غضبك او يحل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة الا بك ، أرني وجهك أرني وجهك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق