سهوت عن القلم* لميسون عوني في 26 -6 -2013
*تركت الكتابة فترة ،ورجعت بعدها
سهوت عن قلمي ليخط ما سلف من أيام الإخوان ،مضينا
مع الأحداث ،وعشنا مع الزمان ،وقلبنا في صفحات الأوطان ،ليضئ تارة ويغشاه الظلام
مرات ،يخطف الحقيقة كالبرق أو كوكب ومض شهاب
تتسابق الفتاوي لتحلل الحرام ، وتحرم الحلال ، سمعنا رصاص الفتنة يعكر
الأجواء ،ويسيل الدم مدراراً لييتم الأبناء ويرمل النساء ويقتل الأبرياء وكما
قال من عذبه الندم منهم ،متأسيا بآية الله
ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسيا* وقد غفل أو تغافل ،عن أمراً بإن الروح الأمين
،قد إحتضن هذه الأرواح، صاعداً بهم الى أوج السماء لهم داراً ومستقراً في الجنان،
،ويثور الإقتتال مرتدياً مسوح الأديان ،ونبل الرسالات منها براء فإذا هي رداء
وليست إيمان، يخلعوا هذا الرداء متى أرادوا ، بضجة صراخ المشايخ وشعوذة أمراء
الدجل سمعاً وطاعةً وبدون جدال أو حوار ،وإستطاعوا فيها أن يخدعوا الأبرياء
ويمسحوا عقول البسطاء،نسوا عيون الدين وهدف حياتهم هي المرأة يتزوجوها أربع مرات
ويطلقوها كما شاءوا بفتاوي ما على المقاس ،وسجنوها خلف نقاب ،ليستريحوا من الفتنة
، ويلتقطوا الأنفاس ،في جولة أخرى ليتصيدوا
إمرأة من دين النصارى ، تنتفخ أوادجهم
إنتصار وليكسبوا في عرفهم جولات وسارت المسيرات لتنقذ أختهم عبير ، وماذاأضافت
جموعكم لبلادكم لتضيفوا لها عبير
أما الوطن فهو في عرفهم إمتداد
يكسروا مشروعه،ويشاركوا الصهاينة فرحاً
بإنكساره ،ومشوا على جثث شهدائه ، وجلسوا يتنظرون مع موشي ديان إتصال هزيمته
لتكتمل فرحتهم ،كل هذا شماتة بقائده ، ولكنها
لم تدم أعطاهم شعب السودان درساً في العزة والكرامة وكان يوماً سيذكرونه على مدى
حياتهم ،وكان يوم بث الأمل الذي تحدث عنه القاصي والداني ،هو يوم تعاستهم
لم
يرحموا فقراء الوطن ، ووقفوا بوجه تنويره ،ومن إنكشف له الخداع قفز سراعاً ليلوذ
بالفرار ينجو بروحه وحياته من الكيد والبدع واللهاث خلف السلطان ، وليستفردوا
بجموع ،أثقلها البؤس والفقر وحطم كبريائها الإنساني وفطرتها السليمة وحادت بوصلتها
التي ظنت فيهم شاطئ النجاة تأملت فيهم
الأمل فإذا هي أضغاث أحلام وتبخر كلامهم ووعودهم وصراخهم فإذا هو دخان تذروه
الرياح وتأخذه الى المتاهات فأنكشف إفكهم ،وبان المستور من خططهم
فإستقرت الأرواح الكريمة وهدأت النفوس الأبية
التي خبأت جروحها في عزة الكرامة التي حاولوا طعنها ناوين قتلها والإجهاز عليها ،
دفئها تراب الأرض واستنشقت عبيرها وتماهت حباً فيها
وهياماً برفعتها وظهرت الحقيقة ساطعة
كلؤلؤ الأصداف شق مكمنه ينيرالنفوس حتى في أعماق الظلام،وكانت أيامهم تشع نوراً في
ثنايا الوطن عزةآماله وأحلام رفعته ومناه وأرى ليلاً طويلاً شحب فيه الفجر إنبلاج فتوجع من صبحه العذاب
هذا هو ما أخذني منك وأبعدني عن رحيقك وحرمني
من عبيرك وشتت روحي شكاً ليقين وحيرة في هذا اليقين
سهوت عن اليراع الذي يغذي الروح ويشعل الوجدان ،ويؤجج
الخيال ، يبث السلوى ويبدد اليأس تنقشع ضلال الأوهام،وتذوب خيوط الألم في دفق المداد ، وتمتزج مع ماء الحياة ، فإذا هو
نبضة حب وحياة
حبراً ،أو قلماً ،كتاباً في رفوف مكتبةأو
سطوراً في بيان، مهما عبرت الكلمات ،يلون الورقة أو يملأ ها وجداً
أو يلبي لقاء
كيف أحيا بدونك وأتنفس بعيداً عنك
أعشق عبق فيضك وأذوب في متنك وأتماهى مع
حروفك
أستنشق الحبر ليعيد لي نبض الحياة
حروف العربية لؤلؤاً منضوداً في كبد الهيام
يجلو برونقه جذور الأحزان
ودراً ينير قلوب العشاق
وهمسات الحب خيالاً معطراً من السماء
وينسج الشعر نمنمات تحلق مع الخيال
ويتكئ البدر في دارته يرنو الى الجنان
وينبض
العشق بدون حجاب ليمنح دماء الشوق دفقة الحياة
ويذيب من القلوب لوعة الفراق
حروف
العربية التي جعلها الرحمن في أعز رفعةً ومقام
كيف لي أن أسلوها ؟ كيف لي أن أفارقها؟
وها ئنذا جئتكم ألبي النداء
*تعبير من كتاب سر المعبد لثروت الخرباوي